اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
56819 مشاهدة print word pdf
line-top
مصير أهل الذنوب في الآخرة

40- ومن لقي الله بذنب يجب له به النار -تائبًا غيرَ مُصِرٍّ عليه- فإن الله يتوب عليه، ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .
41- ومن لقيه وقد أُقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا فهو كفارته، كما جاء في الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
42- ومن لقيه مُصِرًّا غير تائب من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة؛ فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .


وأمر الآخرة إلى الله -تعالى- فقد أخبر الله بأنه يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وذلك إليه سبحانه وتعالى.
فمن لقيه وهو من أهل التوحيد فهو أهلٌ أن يُغفر له، ورد في حديث ابن مسعود مَن لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار ولكن مع ذلك فإننا لا نجزم لهذا بالجنة، ولهذا بالنار؛ بل هذا ورد وعيده، وهذا ورد وعده، وكلهم تحت مشيئة الله -تعالى- إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ولو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم؛ وذلك لأن أعمالهم مهما كثرت لا تقابل نعمة الله عليهـم ورحمته بهم، حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ منه وفضل .
فنحن محتاجون إلى رحمة الله، وأعمالنا تقصر عن أن تكون سببًا مستقلا بنجاتنا، ولكن الله -تعالى- أمر بالعمل الصالح، وأمر بالإكثار من الحسنات، ونهى عن السيئات، وجعل ذلك من أسباب رحمته ودخول جنته، ونهى عن السيئات والمخالفات التي تكون أيضًا سببًا لغضبه وعقابه.
أما إذا لقي الله -تعالى- وقد أقيم عليه الحد: فإذا كان تائبًا من ذلك الذنب فإن الحد كفارة. وإذا أقيم عليه الحد، ولكنه لم يعترف ولم يتب، فلا ينفعه، إنما يكون الحد زاجرًا له حتى لا يعود مرة أخرى إلى هذا الذنب، أو زاجرًا لغيره.
وقد بيَّن العلماء أن الحدود لا تكون كفارة إلا لمن تاب فمن زنا مثلا وجاء معترفًا وقال: أقيموا عليَّ الحد، كما فعل ماعز والغامدية فإن ذلك كفارة، وأما من أنكر وشهد عليه الشهود بأنه زنا ورجم بذلك، وهو منكر غير تائب فالحد لا يُطَهِّره، وإنما يمنع غيره من أن يفعلوا كفعله، وهكذا بقية الحدود التي تقام في الدنيا، لا تكون مُكَفِّرَةً إلا لمن تاب من ذلك الذنب، وحسنت توبته.

line-bottom