شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شرح مختصر زاد المعاد
44325 مشاهدة print word pdf
line-top
الله سبحانه وتعالى هو المتفرد بالخلق والاختيار

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى هو المتفرد بالخلق والاختيار قال الله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ والمراد بالاختيار هو: الاجتباء والاصطفاء، وقوله: مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ أي ليس هذا الاختيار إليهم، فكما أنه المتفرد بالخلق فهو المتفرد بالاختيار منه فإنه أعلم بمواقع اختياره، كما قال تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ وكما قال تعالى: وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ فأنكر سبحانه عليهم تخييرهم، وأخبر أن ذلك إلى الذي قسم بينهم معيشتهم ورفع بعضهم فوق بعضهم درجات، وقوله: سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ نزه نفسه عما اقتضاه شركهم من اقتراحهم واختيارهم، ولم يكن شركهم متضمنًا لإثبات خالق سواه حتى ينزه نفسه عنه، والآية مذكورة بعد قوله: فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ .
وكما أنهم خلقهم اختار منهم هؤلاء، وهذا الاختيار راجع إلى حكمته سبحانه وعلمه بمن هو أهل له، لا إلى اختيار هؤلاء واقتراحهم، وهذا الاختيار في هذا العالم من أعظم آيات ربوبيته، وأكبر شواهد وحدانيته وصفات كماله وصدق رسله، ومن هذا اختياره من الملائكة المصطفين منهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .
وكذلك اختياره سبحانه الأنبياء من ولد آدم واختياره الرسل منهم، واختياره أولي العزم منهم، وهم الخمسة المذكورون في سورتي الأحزاب والشورى، واختياره منهم الخليلين إبراهيم ومحمدا صلى الله عليهما وسلم وعليهم أجمعين.
ومن هذا اختياره سبحانه ولد إسماعيل من أجناس بني آدم ثم اختار منهم بني كنانة من خزيمة، ثم اختار من ولد كنانة قريشًا، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختار من بني هاشم سيد ولد آدم محمدًا صلى الله عليه وسلم.
واختار أمته على سائر الأمم، كما في المسند عن معاوية بن حيدة مرفوعًا: أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله وفي مسند البزار من حديث أبي الدرداء مرفوعًا إن الله سبحانه قال لعيسى ابن مريم: إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم، قال: يا رب كيف هذا ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي.
فصل: اختص الله نفسه بالطيب، والمقصود أن الله سبحانه اختار من كل جنس أطيبه فاختصه لنفسه فإنه سبحانه وتعالى طيب لا يحب إلا الطيب، ولا يقبل من القول والعمل والصدقة إلا الطيب، وبهذا يعلم عنوان سعادة العبد وشقاوته، فإن الطيب لا يناسبه إلا الطيب ولا يرضى إلا به، ولا يسكن إلا إليه، ولا يطمئن قلبه إلا به، فله من الكلامِ الكلامُ الطيب الذي لا يصعد إلى الله إلا هو، وهو أشد نفرة عن الفحش في المقال والكذب والغيبة والنميمة والبهت وقول الزور وكل كلام قبيح.
وكذلك لا يألف من الأعمال إلا أطيبها، وهي التي أجمعت على حسنها الفطر السليمة مع الشرائع النبوية، وزكتها العقول الصحيحة، مثل: أن يعبد الله وحده لا شريك له، ويؤثر مرضاته على هواه، ويتحبب إليه بجهده، ويحسن إلى خلقه ما استطاع؛ فيفعل بهم ما يحب أن يفعلوا به.
وله من الأخلاق أطيبها، كالحلم والوقار والصبر والرحمة والوفاء والصدق وسلامة الصدر والتواضع وصيانة الوجه عن بذله وتذللـه لغير الله، وكذلك لا يختار من المطاعم إلا أطيبها، وهو الحلال الهنيء الذي يغذي البدن والروح أحسن تغذية مع سلامة العبد من تبعته.
وكذلك لا يختار من المناكح إلا أطيبها، ومن الأصحاب إلا الطيبين، فهذا ممن قال الله فيهم: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ومن الذين تقول لهم خزنة الجنة: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ وهذه الفاء تقتضي السببية أي بسبب طيبكم فادخلوها، وقال تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ففسرت بأن الكلمات الخبيثات للخبيثين، والكلمات الطيبات للطيبين، وفسرت بالنساء الطيبات للرجال الطيبين، وبالعكس، وهي تعم ذلك وغيره.
والله سبحانه جعل الطيب بحذافيره في الجنة، وجعل الخبيث بحذافيره في النار، فدار أخلصت للطيب، ودار أخلصت للخبيث، ودار مزج فيها الخبيث بالطيب، وهي هذه الدار، فإذا كان يوم المعاد ميز الله الخبيث من الطيب؛ فعاد الأمر إلى دارين فقط.
والمقصود أن الله جعل للشقاوة والسعادة عنوانًا يعرفان به، وقد يكون في الرجل مادتان فأيهما غلبت عليه كان من أهلها، فإن أراد الله بعبده خيرًا طهره قبل الموافاة؛ فلا يحتاج إلى تطهير بالنار، وحكمته تعالى تأبى أن يجاوره العبد في داره بخبائثه؛ فيدخله النار طهرة له، وإقامة هذا النوع فيها على حسب سرعة زوال الخبائث وبطئها، ولما كان المشرك خبيث الذات لم تطهره النار، كالكلب إذا دخل البحر، ولما كان المؤمن الطيب بريئًا من الخبائث كانت النار حرامًا عليه، إذ ليس فيه ما يقتضي تطهيره، فسبحان من بهرت حكمته العقول.
فصل في وجوب معرفة هدي الرسول صلى الله عليه وسلم .
ومن هاهنا يعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به، فإنه لا سبيل إلى الفلاح إلا على يديه، ولا إلى معرفة الطيب من الخبيث على التفصيل إلا من جهته صلى الله عليه وسلم، فأي حاجة فرضت وضرورة عرضت فضرورة العبد إلى الرسول فوقها بكثير، وما ظنك بمن إن غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبه، ولكن لا يحس بهذا إلا قلب حي، وما لجرح بميت إيلام.
وإذا كانت السعادة معلقة بهديه صلى الله عليه وسلم؛ فيجب على كل من أحب نجاة نفسه أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن خطة الجاهلين، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصل هذا الكتاب لابن القيم رحمه الله، سماه: زاد المعاد في هدي خير العباد، وقد طبع عدة طبعات، طبع في أربعة مجلدات، وطبع في مجلدين أربعة أجزاء، وطبع في خمسة.
ولا شك أنه كتاب قيم، بين فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يرتبه على ترتيب الفقهاء في كتب الأحكام؛ ولكنه استوفى ما في كتب الأحكام؛ إلا ما يتعلق بالمبايعات؛ فإنه اختصر ذلك في آخر الكتاب، ولم يستوف ما ذكره الفقهاء في قسم المعاملات.
بدأ هذا الكتاب بهذه المقدمة، ثم جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فاختصر هذا الكتاب، بدل ما هو في أربع مجلدات أصبح في هذا المجلد اللطيف؛ حيث حذف ما فيه من الاستطراد الذي عادة ابن القيم رحمه الله التوسع فيه، وكذلك أيضًا حذف الفصول التي يمكن أن يستغنى عنها، واقتصر على ما هو المهم في معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
بدأ المؤلف كتابه بالاختيار، فسر قول الله تعالى في سورة القصص: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ أي ليست الخيرة إليهم، بل الخيرة إلى الله تعالى.
وقد توسع ابن القيم في ذكر ما اختاره الله تعالى، فذكر أن الله اختار من خلقه الملائكة وسماهم مقربين، في قوله تعالى: وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وكذلك اختار من الملائكة أشرفهم، وهم هؤلاء الثلاثة الذين ذكروا في هذا الحديث، ذكر بعضهم في آية في سورة البقرة مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ وذكر إسرافيل في هذا الحديث، بمعنى أن الله ميزهم عن غيرهم من بقية الملائكة، وهذا من الاختيار.
ثم اختار أيضًا من خلقه جنس بني آدم أي جنس البشر اختارهم وفضلهم، قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا فأخبر بأنه كرمهم وأنه فضلهم على كثير من خلقه تفضيلًا، ثم اختار منهم الرسل، من كل أمة اختار رسولًا أوحى إليه، واختار من رسله الخمسة الذين هم أولو العزم، ذكروا في قول الله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ هؤلاء الخمسة هم أولو العزم الذين ذكرهم في قوله: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وذُكروا في سورة الشورى في قول الله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أي يا محمد وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فاختار الله تعالى هؤلاء الملائكة وفضلهم، واختار هؤلاء الأنبياء وفضلهم.
كذلك أيضًا اختار هذه الأمة قال الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ فالأمة المحمدية هي خير الأمم، كما في الحديث الذي سمعنا وهو قوله: أنتم توفون يوم القيامة سبعين أمة أنتم خيرها وأفضلها عند الله تعالى وذلك لشرف نبيهم، فلما كان هذا النبي الكريم هو أشرف الأنبياء كانت أمته أشرف الأمم، والمراد هنا أمة الإجابة الذين استجابوا له واتبعوه واتبعوا ما جاء به، فإنهم حازوا هذا الفضل وتقدموا به على غيرهم.
وكذلك أيضًا أخبر بأنه اختار من بني إسماعيل كنانة، ورد هذا في حديث في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم .
فالاصطفاء هو الاختيار والأنبياء كلهم من أهل الاصطفاء قال الله تعالى: وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ أي من المختارين الذين هم خيرة الله تعالى من خلقه، فالأنبياء خيرته من خلقه، وكذلك أيضًا المؤمنون من أتباع الأنبياء خيرة الله تعالى من خلقه، داخلون في قوله تعالى: مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ .
ابن القيم أيضًا ذكر غير ذلك، فذكر أن الله تعالى اختار من البقع مكة المكرمة واختار من بينها الحرم الحرم المكي الحرم الآمن؛ وذلك لأنه سبحانه فضل هذه البقعة، وجعلها قبلة للمسلمين في صلواتهم، وجعل أفئدة الناس تهوي إليها، استجابة لدعوة الخليل في قوله فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ .
وذكر فضائل مكة وخصائصها وما ورد فيها، وأن المسجد الحرام له ميزته؛ حيث إن الصلاة فيه تعدل مائة ألف، ويليه المسجد النبوي الصلاة فيه بألف، ثم المسجد الأقصى الصلاة فيه بخمسمائة.
وكذلك أيضًا خص الله تعالى البيت الحرام حيث فضله وأنزل فيه قوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ يعني البيت الحرام البيت العتيق سماه الله تعالى بالمحرم عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ وسماه بالبيت العتيق ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فحاز فضيلة بهذه الصفات الشريفة مع أنه بقعة من البقع، يعني أرضه كسائر الأرض، ولكن لما جعل الله له هذه الميزة وجعله قبلة الناس وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ كان ذلك أثر اختيار الله سبحانه وتعالى، هذا دليل على أنه يخلق ما يشاء ويختار، وأن الخيرة ليست للخلق وإنما هي للخالق سبحانه.

line-bottom