اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شرح مختصر زاد المعاد
47012 مشاهدة print word pdf
line-top
قدر ما يقرأ به في الصلوات الخمس

...............................................................................


أما القراءة، لا شك أن الصلاة مشروع فيها شيء من القرآن قليل أم كثير قال الله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ أخذ بعض العلماء بهذه الآية، وقال: يجزئ ما تيسر من القرآن وإن لم يقرأ الفاتحة. آخرون قالوا -وهو الصواب- أن الآية فيما زاد على الفاتحة: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ أي: بعد قراءتكم للفاتحة.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو القدوة يقرأ زيادة على الفاتحة، ففي صلاة الظهر والعصر كان يقرأ، وسئل خباب -رضي الله عنه- هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال: نعم. قيل: كيف تعرفون أنه يقرأ؟ فقال: باضطراب لحيته يعني أنهم راقبوا لحيته، وإذا هي تتحرك فعلموا أنه يقرأ مع أنه يسر في القراءة في الظهرين.
قدرت قراءته في صلاة الظهر بنحو ثلاثين آية أي: بنحو الم السجدة وهي ورقة ونصف ورقة أي: أنه كان يقرأ بها -يقرأ بها في الركعتين الأوليين من الظهر، وتارة يزيد على ذلك ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل في الصلاة، ويذهب بعضهم إلى البقيع ويقضي حاجته، ويرجع إلى أهله، ويتوضأ، ويأتي إلى المسجد ويدرك الركعة الأولى دليل على أنه يطيل الركعة الأولى من الظهر.
معلوم مثلا أنهم يسمعون الإقامة وهم في بيوتهم، فيذهب أحدهم، ويخرج من البلد إلى البقيع شرق المدينة ويجلس ويقضي حاجته أن يتبول أو نحو ذلك، ثم بعد ذلك يرجع إلى بيته، ثم يتوضأ، ثم يذهب إلى المسجد، فيجده في الركعة الأولى. يقدر مثلا أنه يبقى نحو خمس دقائق في الركعة الواحدة، وربما تصل إلى عشر دقائق يعني ذهابه إلى البقيع قد يستغرق ثلاث دقائق وكذلك رجوعه وكذلك جلوسه على حاجته وجلوسه أيضا يتوضأ قد يبلغ عشر دقائق، مما يدل على أنه يطول الصلاة يطول الركعة الأولى، ولعله يتعمد حتى يدركوها؛ وذلك لأن الظهر تقع في وقت القيلولة وشدة الحر، والكثير منهم في بيوتهم - يعني مستظلين بظل البيوت- فإذا سمعوا النداء، أو إذا سمعوا الإقامة انتبهوا للصلاة.
وكذلك أيضا لا بد أنه يطيل الركعة الثانية، وأما الركعتين الأخيرتين من الظهر ومن العصر ومن العشاء والأخيرة من المغرب، فإنه يخففها -يقتصر فيها على قراءة الفاتحة.
هذا هو المعروف كذلك أيضا صلاة العصر روي أنه يقصرها أقل من الظهر أي: يجعلها على النصف، فإذا قرأ في الركعة في الظهر صفحتين، قرأ في العصر صفحة يعني على النصف؛ وذلك ليحصل الفرق بينهما، فالظهر تسمى الأولى ويطيلها حتى يتلاحقوا ويتداركوا، وإن كان لصلاة العصر أهمية وفضيلة ورد فيها فضائل كثيرة، ومع ذلك فإنهم قد يحتاجون إلى التخفيف؛ لأنهم ينصرفون إلى أعمالهم وإلى حرفهم وتجاراتهم وما أشبه ذلك.

line-bottom