جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
فتاوى الزكاة
125551 مشاهدة
كيفية تقدير زكاة عروض التجارة

ذكرنا فيما مضى أن عروض التجارة هي كل ما يعرض للبيع من كبير أو صغير، وعقار أو منقول، فكل ما أعد للبيع والشراء لأجل الربح، فإنه يقوّم إذا حال الحول، ويجب فيه ربع العشر، ويدخل في ذلك العقار، فالذي يعمل في العقار، يشتري الأرض ثم يبيعها بربح بعد يومين أو شهر أو أكثر أو أقل، أو يشتري العمارات والفلل وذلك لأجل الربح، ففي هذا زكاة.
ويدخل في ذلك أصحاب المعارض الذين يشترون السيارات ثم يبيعونها، وكذلك أصحاب الماكينات، وأصحاب المضخات، وأصحاب الثلاجات، وما أشبهها، كل هؤلاء يشترون السلع لأجل الربح فيها فتقوَّم هذه السلع كل سنة ثم يُزكى ثمنها.
ويكون تقديرها بالأحظ للمساكين والفقراء، فإذا كان الأحظ لهم تقديرها بالدراهم، قدرناها بالدراهم، وإذا كان الأحظ تقديرها بالدنانير (أي الذهب) قدرناها بالذهب، فلو كانت مثلا إذا قدرناها بالدراهم ما ساوت إلا مائة وتسعين وهذا أقل من النصاب، وإذا قدرناها بالذهب ساوت أثنى عشر جنيها، فالأحظ للفقراء تقديرها بالذهب، حتى يكون فيها زكاة.
وكذلك العكس، فلو مثلا ثمنّا هذه السلع فكانت بالجنيه عشرة جنيهات، وإذا ثمناها بالدراهم ساوت ألفي درهم، فيكون هو الأحظ للفقراء
تثمينها بالدراهم، لأنها أكثر وأحظ للفقراء وأجلب للمنفعة.