إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
فتاوى الزكاة
144241 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف الزكاة وبيان مكانتها

تعريف الزكاة
الزكاة لغة: النماء والزيادة. وشرعاً: التعبد لله بدفع حق واجب في مال خاص، لطائفة مخصوصة، في وقت مخصوص.
مكانة الزكاة في الإسلام
الزكاة من فرائض الإسلام وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي حق المال.
ولما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - منع كثير من العرب الزكاة، وأكثرهم منعها بخلاً، وادعوا أنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم منعها جحوداً، فعزم أبو بكر -رضي الله عنه- على القتال، وكأن بعض الصحابة توقفوا عن قتالهم، لكونهم يشهدون الشهادتين، وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبي بكر عندما هم بقتالهم: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا لا إله إلا الله، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها . قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال فكأنه استدل رضي الله عنه بقوله: إلا بحقها أي إلا بحق لا إله إلا الله، ومن حقها الإتيان بمستلزماتها ومكملاتها، ومنها الزكاة، فإنها شعيرة من شعائر الإسلام، وهي كما قال أبو بكر حق المال. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق.
فاتفق الصحابة على قتال مانعي الزكاة وقد استدلوا بأدلة من الكتاب والسنة:
فمن الكتاب:
قول الله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ فأمر الله بقتالهم حتى يتوبوا، أي من الشرك، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة.
ومثلها في نفس السورة قوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ فجعلهم إخوة لهم ولكن بشرط التوبة، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، لذلك اتفقوا على قتالهم.
ومن السنة:
عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ... إلخ ففي هذه الرواية اشترط - صلى الله عليه وسلم - الصلاة والزكاة للقتال، أي يقاتلهم حتى يأتوا بالصلاة والزكاة مع الشهادتين .
وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر فريضة الصلاة، ثم فريضة الزكاة، قال في الزكاة: من أداها طيبة بها نفسه فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها، وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لمحمد وآل محمد منها شيء وكأنه لم يفعل؛ لأنه لم يوجد من يمنعها، فلو منعها أحد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأخذها منه، وأخذ شطر ماله تنكيلاً.

line-bottom