إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
فتاوى الزكاة
132227 مشاهدة
أدلة وجوب الزكاة في عروض التجارة

لقد أجمع علماء الأمة أن عروض التجارة فيها زكاة. وقد خالف في ذلك الشيخ الألباني عفا الله عنه، ولا أعلم أحدا خالف في ذلك قبله، فإنه نشر في بعض تعاليقه أن زكاة العروض لا تجب، وليس فيها زكاة واجبة، وليس عليهم إلا أن يتصدقوا تبرعا ، فخالف بذلك الإجماع، وسبب ذلك أنه تكلم على حديث سمرة الذي رواه الحسن عن سمرة كنا نعد الزكاة من كل شيء نعده للبيع فلما لم يكن الحديث صحيحا على شرطه قال بعدم وجوب الزكاة في عروض التجارة وكأنه لم يطلع على حديث آخر فيه دليل على زكاة العروض فقال: إذا لم يثبت هذا الحديث فإنه لم يثبت في العروض حديث ولهذا فإنه لا زكاة فيها، ومن أراد أن يصدق تطوعا وإلا فلا؛ وخالف بذلك الإجماع.
ثم خالف الآيات الصريحة في قوله تعالى : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا أليست عروض التجارة هي أغلب الأموال؟؟ لا شك أنها أغلب أموال الناس قديما وحديثا. فالله قد أمر بالأخذ وكذلك قوله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وفي آية أخرى: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
أليست أموالهم هذه تدخل فيها هذه الأموال التي هي عروض التجارة؟ لا شك أنها تدخل بطريق الأولى، فإذا أسقطنا منها الزكاة فماذا بقي؟!.
كذلك أيضا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث لأصحاب الأموال من يجمع الزكاة منهم فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عمر على الزكاة - أي زكاة أهل المدينة - فجاء في الحديث : منعَ ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب وهؤلاء ليسوا أصحاب حُرُوث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا إنه كان فقيرا فأغناه الله والغالب أن من كان فقيرا واستغنى فالغالب أنه استغنى بسبب التجارة، ثم قال: وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا إنه قد احتبس أدراعه وأعتُدَه في سبيل الله. وأما العباس فعمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي علي ومثلها معها كل هؤلاء ما عندهم إلا التجارة، لكن خالدا عنده سيوف ودروع ورماح وخناجر قد جعلها وقفا لقتال المشركين، وليس عنده شيء يزكيه، وما عنده لم يعرضه للبيع، إنما أوقفها واحتبس أدراعه وأعتاده وخيله ونحوها في سبيل الله لم يجعلها تجارة فاعتذر عنه.
وأما العباس فكان أيضا يتعاطى التجارة ولمّا هاجر إلى المدينة لم يكن عنده إلا التجارة، لم يكن صاحب ماشية ولا صاحب بستان فما عنده إلا التجارة.
إذًا فهذا دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل من يقبض من التجار الذين هم أصحاب التجارات من يقبض منهم زكواتهم. أليس ذلك دليلا ولكنه فات على الشيخ الألباني -عفا الله عنه- فجزم بعدم وجوب الزكاة في عروض التجارة في تعليقه على هذا الحديث عند تخريجه لأحاديث كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق وروى البيهقي عن ابن عمر قال ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة.
فالحاصل أن إجماع الأمة من كل مذهب ثابت على أن عروض التجارة فيها زكاة، وأنها كل ما أعدّ للبيع والشراء. وإن لم يصح حديث سمرة فقد صح فيه فعل الصحابة وصح العمل عليها حتى ذكروا أن عمر رضي الله عنه في خلافته مر عليه أحد الموالي يحمل جلودا فأوقفه وقال: هل أديت زكاتها؟ فقال ما عندي إلا هذه ولم تبلغ نصابا فهذه جلودٌ ذَهَبَ بها ليبيعها فلو بلغت نصابا لأخذ زكاتها. وهذا دليل على أنهم كانوا يأخذون الزكاة على كل شيء يباع.