فتاوى الزكاة
رابعا المؤلفة قلوبهم
رابعا : المؤلفة قلوبهم: رأس>
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم تأليفا لهم، إما قائدا يرجى إسلامه، أو يرجى إسلام نظيره، أو يرجى كف شره، أو يرجى بعطيته قوة إيمانية، أو يرجى أنه يتولى جباية الزكاة من قومه، فإذا لم يعط فإنه لا يجبي الزكاة بل يجحدها أو يمنعها، فهؤلاء سادة في قومهم مطاعون يعطون تأليفا لهم؛ حتى يؤمن شرهم، وحتى يقوى إيمانهم، وحتى يكونوا ناصحين ومخلصين لولي الأمر، فهذا هو سبب إعطائهم.
فلما كان في عهد عمر اسم> رضي الله عنه وقوي الإسلام وتمكن، وصار القادة والسادة الذين كانوا في أول الإسلام يخاف من شرهم كآحاد الناس لم يعطهم من الزكاة، وقال: إن الله قد نصر الإسلام، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
وفد عيينة بن حصن اسم> إلى المدينة اسم> وكان ابن أخيه الحر بن قيس اسم> من جلساء عمر اسم> رضي الله عنه، وكان جلساء عمر اسم> هم القراء شبابا كانوا أو شيبا، فقال عيينة اسم> لابن أخيه: لك يد عند هذا الأمير اشفع لي حتى أدخل عليه، وكان قد اشتكى أن عمر اسم> لم يعطهم ما كان يعطيهم النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه وقال بصوت جهوري: يا ابن الخطاب اسم> فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل فهذه كلمة نابية جافية من أحد أجلاف العرب، وغضب عمر اسم> وكاد أن يبطش به، ولكن ابن أخيه حثه على العفو، وقرأ عليه قول الله تعالى: رسم> خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ قرآن> رسم> فوالله ما جاوزها وكان وقافا عند كتاب الله.
وكان عيينة بن حصن اسم> هذا من المؤلفة قلوبهم، هو والأقرع بن حابس اسم> ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لما انتصر على هوازن اسم> وقسم غنائمهم، قسم الإبل، فأعطى عيينة بن حصن اسم> مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس اسم> مائة من الإبل، وأعطى شاعرا من شعراء بني سليم وهو العباس بن مرداس اسم> أقل من المائة، فأنشأ يقول:
أتجعل نهـبي ونهـب العبــيـد | كـنــهب عُيَيـْنةَ والأقــــرعِ |
وما كان بـدْرٌ ولا حـــابــس | يفوقان مرداس فــي المجـــْمَعِِ |
وما كنتُ دونَ امــرئ منهـمـا | ومن تخْفِض اليـــوم لـا يـُرْفَعِِِ |
اتصل بي مرة من البحرين اسم> أحد الجهلة من أهل السنة، ولكنه انخدع بمن عنده من الرافضة الذين طعنوا في عمر اسم> فقالوا: عمر اسم> أسقط حقا في كتاب الله، أسقط حق المؤلفة قلوبهم، وهو في القرآن، فجعلوا ذلك طعنا، فعجبت لهذا الذي صدقهم، فقلت له: إن التأليف يستعمل عند الحاجة إليه، فهو لم يسقط الآية ولم يسقط حقهم الذي في الآية، بل الآية موجودة، ولكنه رأى أن التأليف له مناسبة وله وقت، فإذا لم يحتج إلى التأليف لقوة الإسلام فلا حاجة إلا إعطائهم؛ لأن هذه الصدقات تجمع من الناس لمن يستحقها، وهؤلاء أثرياء وأغنياء فلا حاجة إلى تأليفهم ما دام الإسلام قويا. مسألة>