شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح لمعة الاعتقاد
193874 مشاهدة
ابن قدامة وكتابه لمعة الاعتقاد

ولما كان في القرن السادس والسابع وفق الله تعالى بعض العلماء فنبهوا على أخطاء في تلك العقيدة، وأظهروا العقيدة السليمة التي هي عقيدة أهل السنة وعقيدة سلف الأمة، وكان من جملتهم الإمام الموفق أبو محمد عبد الله بن محمد بن قدامة المقدسي -رحمه الله-؛ وذلك لأنه كان على مذهب الإمام أحمد ورأى في زمانه كثرة المنحرفين فلم يجد بُدا من أن يؤلف فيما يعتقده أهل السنة الذين هم السلف الصالح ومن كان على نهجهم؛ فألف في ذلك مؤلفات تتعلق بمعتقد أهل السنة والجماعة، ومن جملة ما ألفه رسالة صغيرة سماها: لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد. واختفت هذه العقيدة ولم يكن لها شهرة إلا بين من هم على المذهب الذين -أيضا- يخفون أمرهم وما ذاك إلا لكثرة المخالفين في زمانهم وبعدهم وإلى اليوم؛ ولأجل ذلك فإن هذه النبذة لم يعتن بها أحد من السابقين ولا عرف أحد تولى شرحها ولم يكن لها شرح يبين دلالاتها؛ وذلك لأنهم يخشون إذا أظهروا معتقدهم مما يتعرضون له من أهل البدع.