القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح لمعة الاعتقاد
194087 مشاهدة
القدرية وحكم الشرع فيهم مع ذكر الأدلة

وفي حديث عمر رضي الله عنه أن الذي رواه ابنه عبد الله الحديث حديث عمر المشهور، وفيه عن بعض التابعين، يقول يحيى بن يعمر كان أول من قال بالقدر عندنا معبد الجهني يقول: فانطلقت أنا حميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء، قال: فوفق لنا عبد الله بن عمر داخلا المسجد يعني المسجد الحرام يقول يحيى فاكتنفته أنا وصاحبي -يعني كل منا عن جانبيه- وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: أبا عبد الرحمن إنه قد خرج قبلنا أناس يقرءون القرآن ويتذكرون العلم، وإنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وإنهم برآء مني، والذي نفس ابن عمر بيده، لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، ثم حدث بحديث عمر حديث جبريل المشهور الذي سأل عن أركان الإسلام ثم قال: أخبرني عن الإيمان أو ما الإيمان فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، فقال: صدقت هذا انفرد مسلم بإخراجه ولم يخرجه البخاري وهو مروي عن طرق، رواه مسلم من طرق كثيرة، وصدَّر به كتاب الإيمان من صحيحه.
فقوله: وتؤمن بالقدر خيره وشره هذا أيضا قد ثبت في أحاديث كثيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبر بأن كل شيء بقضاء وقدر، وأن على العبد أن يؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومره.
في حديث عبادة بن الصامت لما حضره الموت قال له ابنه: أوصني، فقال: أجلسوني فلما أجلسوه قال: إنك لن تبلغ طعم الإيمان حتى تؤمن بالقدر كله خيره وشره، ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وتعلم أن أول ما خلق الله تعالى القلم، وأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، وأن من مات على غير هذا مات على غير السنة، أو دخل النار؛ يعني من أنكر قدرة الله تعالى وأنكر قضاءه وقدره.
ذكر أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره حلوه ومره يعني ما كان فيه ضارا أو نافعا اعتقد أنه من القدر، وأنه مما يجب الإيمان به، آمنا بالقدر وصدقنا بما قدره الله تعالى وبما قضاه.
نعلم أيضا أن الله سبحانه وتعالى، أنه أمر عباده ونهاهم ولا أمر ولا نهى إلا من هو مستطيع أن يفعل ما أمر به، ويترك ما نهي عنه، لا يأمر إلا القادرين.