القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90562 مشاهدة
جهل الذَّكَر في صلاة الجنازة أو جهل من يصلى عليه

ويشترط لها النية فينوي الصلاة على الميت ولا يضر جهله بالذَّكَر وغيره؛ فإن جهله نوى على من يصلي عليه الإمام.


صلاة الجنازة أيضا لها شروط، فمن شروطها: الطهارة -رفع الحدث- ومن شروطها: إزالة النجاسات عن البدن والبقعة والثياب، ومن شروطها: استقبال القبلة كسائِرِ الصلوات، ومن شروطها: سَترُ العورة كالصلاة، ومن شروطها؛ اختُلِف في الوقت, ولا بد أنه يُشترط الوقت المناسب بحيث لا يُصلَّى عليه عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا في القيلولة فيكون شرطا خامسا، ولا بد أيضا من الشروط العامة: أن يكون المصلي مسلما، وأن يكون عاقلا، وأن يكون مميزا، ولا بد من شرط تاسع وهو: النية؛ لتكون شروط الصلاة تسعة، وشروط صلاة الجنازة تسعة؛ فالإسلام ,والعقل, والتمييز, والطهارة, وستر العورة, واجتناب النجاسات, ودخول الوقت, واستقبال القبلة, والنية؛ فهذه شروط مُعْتَبَرة في الصلاة المفروضة, وفي صلاة الجنازة.
النية محلها القلب -كما تقدم في الصلاة- والتلفظ بها بدعة، فلا يقول قبلها: نويت أن أصلي على هذا الميت! بل يكفي عزمه بقلبه على أنه سوف يصلي عليه، كذلك من النية لا يشترط فيها معرفة عين الميت أنه فلان أو فلان، بل يكفي أنه مسلم، وكذلك أيضا لا يشترط أن يعرف هل هو ذكر أم أنثى، بل إذا عرف أنه مسلم صلى عليه.
وقد تقدم أنه إذا كان الميت ذكرا ذَكَّر الضمير وإذا كان أنثى أنَّث الضمير، بأن يقول: اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها وأما في المذكر فيقول: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه فإن جهله وذكر الضمير وأصبح أنثى جاز ذلك، لو قال مثلا: اللهم اغفر له وارحمه ونوى هذا الميت لا يدري هل هو ذكر أم أنثى؟ اللهم اغفر له وارحمه وأصبح أنثى يجزئ ذلك؛ لأنه نوى هذا الميت، وكذلك العكس، لو كان ذكرا وأنَّث الضمير بقوله: اللهم اغفر لها وارحمها ينوي هذه النفس أو هذه الجنازة فيكفيه، تكفيه هذه النية.
ويجوز أن ينوي الصلاة على مَنْ يُصَلِّي عليه هذا الإمام ذكرا أم أنثى، بقطع النظر عن معرفة عَيْنِه، يثق بأن الإمام لا يصلي إلا على مسلم، فيثق بأنه مسلم. نعم. ..
يُتجنب من إشراق الشمس إلى أن ترتفع، وكذلك حين يقوم قائم الظهيرة, وحين تتضيف الشمس للغروب.