القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90700 مشاهدة
عدم الجلوس حتى توضع

ويكره جلوس تابعها حتى توضع بالأرض للدفن إلا لمن بعد لقوله عليه السلام: من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع متفق عليه عن أبي سعيد. وكُرِه قيامه لها إن جاءت, أو مرت به وهو جالس.


أما الذي يسير خلفها فالْأَوْلى له أن يواصل السير، ويمشي كمشيها, لكن مثلا لو تعب لبُعد المكان جاز له أن يجلس، بل أدركنا في هذه البلاد قبل خمس وثلاثين سنة.. ما هناك سيارات غالبا تنقل الجنائز، فكانوا يحملونها -والمكان بعيد- على الأكتاف، وكانوا قلة, أحيانا ما يحمل الجنازة ولا يكون معها إلا أربعة، خمسة، عشرة.. من بُعد المكان, إذا تعبوا جلسوا أنزلوا الميت من على أكتافهم وجلسوا يستريحون، حتى ربما يجلسون ثلاث مرات بينهم وبين المقابر؛ المقابر هنا موضعها الآن الذي هو العود ويصلون عليها أحيانا في مسجد الشميسي وأحيانا في الجامع وأحيانا في غيره، والمقابر بعيدة، ففي هذه الحال يتعبون، فإذا جاز أن يضعوها ويستريحوا جاز أيضا لمن تبعهم؛ سيما إذا كان كبيرا أو ضعيف البِنْيَة ولا يستطيع أن يواصل السير جاز له أن يجلس للاستراحة. أما إذا لم يكن هناك عذر فالمواصلة هي الأصل من حين يمشي خلفها لا يجلس إلى أن يصل إلى المقبرة, وإلى أن توضع، فلا يجلس حتى توضع لأنه متبع لها، مَن تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع.
وأما القيام له: فقد كان مشروعا في أول الإسلام أنه إذا مرت جنازة قام الحاضرون الجالسون حتى تتوارى, حتى أنه مرت جنازة مرة والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالس بين أصحابه فقام وقاموا معه قالوا: يا رسول الله إنها جنازة يهودي، قال أليست نفسا؟! وقال في بعض الروايات: إنما قمنا لأجل الموت يعني أنهم يقومون لأجل الهيبة -هيبة الموت- هذا كان مشروعا في أول الإسلام، ثم بعد ذلك تُرك، زعم بعضهم أنه نسخ وأنه لا يصح الوقوف ولا القيام لمرور الجنازة ؛ لأن في ذلك شيئا من تعظيم الميت, أو تعظيم أهله أو نحو ذلك بالقيام لهم. وذهب آخرون إلى أن الحكم على الاستحباب؛ الأمر بقوله: إذا رأيتم الجنازة فقوموا على الاستحباب، فيكون مَنْ رآها وقام؛ يعني: قام فزعا وهيبة ولهيبة الموت، ومَنْ لم يقم فلا حرج عليه.