الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
51760 مشاهدة print word pdf
line-top
الابتداء بالحمد اقتداء بالكتاب العزيز

[ الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا]


الشرح
* قوله: (الحمد لله).
ابتدأها بالحمد اقتداء بالكتاب العزيز، وعملا بالحديث المشهور: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله -أو: بالحمد- فهو أقطع وفي رواية ضعيفة: بسم الله ؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبدأ البسملة في خطبه ومكاتباته ومراسلاته وهكذا أهل العلم من السابقين واللاحقين.
والحمد لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على وجه التعظيم والتبجيل.
واصطلاحا: هو ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، ولا شك أن المحاسن في حق الله تعالى هي الصفات العلى والأسماء الحسنى والنعم الكثيرة.
وبعضهم يعرف الحمد بأنه: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الحامد وغيره، فقوله: فعل مثل قولك: أحمد الله، هذا فعل ينبئ يعني: يخبر عن تعظيم المنعم بسب كونه منعما على الحامد وغيره.
والله تعالى يحمد على كل شيء؛ يحمد على أسمائه الحسنى، ويحمد على صفاته العلى، ويحمد على عطائه، كما يحمد على ابتلائه بالخير أو بالشر، فيحمد سبحانه بكل حال وعلى كل حال، ولذلك يقولون: الحمد لله على كل حال ونعوذ به من حال أهل النار.
لكن الغالب أنهم عندما يحمدون الله تعالى يذكرون بعد الحمد شيئا من الصفات التي هي صفات كمال.
* قوله: (الذي أرسل رسوله).
وهذا من أعظم صفات الكمال لله تعالى، وهو: إرسال الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- ومن أشرفهم وأعظمهم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ولذلك قال -رحمه الله- الحمد لله الذي أرسل رسوله -يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم-؛ فحمده لكونه أرسل هذا الرسول.
والرسول لغة من بعث برسالة.
واصطلاحا: إنسان ذكر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، فإن أوحي إليه ولم يؤمر بتبليغه فهو نبي، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا.
* قوله: (بالهدى).
الهدى لغة: الدلالة والبيان.
وهو ينقسم إلى قسمين:
أ- هدى دلالة وبيان: وهذا يقدر عليه الرسل وغيرهم من أتباعهم، قال تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى: 52]. وقال -صلى الله عليه وسلم- لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم .
ب- هدى توفيق وإلهام: وهذا لا يقدر عليه إلا الله، قال تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص: 56].
والمعنى أن الشريعة التي جاء بها الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وبلغها، فيها الهدى والدلالة إلى الرشاد وفيها دين الحق.
* قوله: (ودين الحق).
الدين: هو ما يدان ويلتزم به، والمراد هنا جميع ما شرعه الله من الأحكام الاعتقادية أو القولية أو الفعلية.
* قوله: (ليظهره على الدين كله).
يعني: يُعليه ويعلي دينه وينصره على جميع الأديان من يهودية أو نصرانية أو غيرها، يعليه بالحجة والبيان والجهاد حتى يظهر على مخالفيه من أهل الأرض، ولا شك أن المسلمين قاموا بهذا الأمر، وهو الجهاد، فجاهدوا في الله حق جهاده، حتى انتشر هذا الدين في مشارق الأرض ومغاربها.
* قوله: (وكفى بالله شهيدا).
يعنى: كفى بشهادة الله -سبحانه وتعالى- إثباتا على صدق نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وصدق ما جاء به، وإلا لو كان هذا النبي كاذبا على الله في دعواه وفي نبوته وفي رسالته لعجل له بالعقوبة، ولكن أيده ونصره على أعدائه، وما ذاك إلا دليل قاطع على صدق هذا النبي صلى الله عليه وسلم.
والمؤلف -رحمه الله تعالى- أخذ هذه الجملة من الآية التي في آخر سورة الفتح وهي قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح: 28].
والحاصل: هذا هو سبب الحمد، وهو إرسال الله تعالى لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق، يعني: بالعلم النافع والعمل الصالح، وإظهار دينه -صلى الله عليه وسلم- على جميع الأديان.

line-bottom