تابع لمعة الاعتقاد
إثبات صفات العلو والفوقية والاستواء لله تعالى
...............................................................................
ومن ذلك أيضا من الصفات: صفات العلو، والفوقية، والاستواء، قال الله تعالى: رسم> الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى قرآن> رسم> ذكر الله تعالى الاستواء في سبعة مواضع من القرآن:
في سورة الرعد، وفي سورة يونس اسم> وفي سورة الأعراف، وكذا في هذه السورة سورة طه، والفرقان، والسجدة، والحديد. سبعة مواضع ذكر الله تعالى فيها أنه استوى على العرش.
ولا شك أن هذه أدلة واضحة، وقد ثقلت هذه الآيات على الأشعرية وعلى المعتزلة، فثقل عليهم هذا الإثبات، ففسرها بعضهم بأن استوى: بمعنى: استولى، في الآيات كلها. فزادوا في القرآن لاما، وهذه اللام زيادة لا محل لها، ولا يجوز الاعتراف بها.
ذكروا بيتا لا صحة له، يقول فيه القائل:
قـد اسـتوى بشـر اسم> على العـراق اسم> | مـن غير سيـف أو دم مهـراق |
.................................. | سـبع أتـت في محـكم القـرآن |
وكـذلك اضطـردت بلا لام ولـو | كـانت بمعنى الـلام في الأذهـان |
لأتت بها في موضع كي يحمل الـ | باقـي عليـها وهـو ذو إمكـان |
نـون اليهـود ولام جهمـي هما | في وحـي رب العـرش زائدتـان |
ولهـم عبـارات عليهـا أربــع | قـد حـررت للفـارس الطعـان |
وهـي استقـر وقـد عـلا وكذلك | ارتفـع الذي ما فيه من نكـران |
وكذاك قد صعـد الـذي هو رابـع | وأبو عـبيدة صـاحب الشـيباني اسم> |
يختـار هـذا القـول في تفسـيره | أدرى مـن الجهـمي اسم> بالقـرآن |
وأما قولهم: استوى بمعنى: استولى؛ فإن هذا تحريف.
ثم يقال: إن الاستيلاء لا يكون إلا بعد مقاومة، فمن الذي قاوم الله تعالى حتى استولى على العرش بعد أن كان غير مستول عليه؟! من العرش له قبل أن يستولي عليه؟. لا شك أن هذا تحريف.
وأيضا الاستيلاء ليس خاصا بالعرش، لما تكلم الأشعري اسم> رحمه الله أبو الحسن الأشعري اسم> على الاستواء، وذكر أنهم يقولون: استولى. قال: لو كان استوى بمعنى: استولى لم يكن فرق بين العرش وبين غيره، فيقال: استوى على السماء، واستوى على الأرض، واستوى على الجبال، وما أشبه ذلك. وهذا لا يجوز؛ لأن الله خص الاستواء بالعرش.
من آيات العلو: قوله تعالى: رسم> أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ قرآن> رسم> صريح في آيتين في سورة الملك رسم> أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا قرآن> رسم> أهل السنة يقولون: معنى في السماء: يعني على السماء. في بمعنى: على، أن تأتي في بمعني: على كقوله: رسم> فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ قرآن> رسم> أي على الأرض، وكقوله تعالى: رسم> وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ قرآن> رسم> أي على جذوع النخل. في السماء بمعنى: على السماء. وتفسر السماء بأنها: العلو، كل شيء علا وارتفع فإنه يسمى سماء أي في العلو.
والآيات التي تدل على إثبات العلو كثيرة، منها: صفة العلو في قوله: رسم> سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قرآن> رسم> رسم> إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى قرآن> رسم> يثبتون لله تعالى العلو بجميع أنواعه: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات.
من الآيات أيضا: آيات الفوقية، قال تعالى: رسم> وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ قرآن> رسم> وقال: رسم> يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ قرآن> رسم> والفوقية تفسر: بفوقية القهر، والقدر، والذات. أي فوقهم بقهره وبقدره وبذاته.
كذلك آيات الصعود رسم> إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قرآن> رسم> الصعود: هو الرقي.
وكذلك آيات العروج رسم> يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> العروج: هو الصعود والرقي. وكذلك قوله تعالى: رسم> تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> .
وكذلك آيات الرفع كقوله: رسم> إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ قرآن> رسم> وقوله: رسم> بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> وقوله: رسم> وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ قرآن> رسم> .
والآيات كثيرة، وقد ثقلت هذه الآيات على الأشاعرة والمعتزلة، وسلكوا في تأويلها تأويلات عجيبة، وأهل السنة يثبتونها كما جاءت.
ذكر بعد ذلك الأحاديث، منها: حديث في سنن أبي داود اسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> إذا مرض أحدكم، أو مرض صاحبه، فليقل: ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع متن_ح> رسم> ابتدأه بقوله: رسم> ربنا الله الذي في السماء متن_ح> رسم> أثبت أن الله تعالى في السماء كما يليق به. قد عرفنا أن السماء بمعنى: العلو.
كذلك حديث رواه مالك اسم> ومسلم اسم> وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رسم> جاءه رجل عليه عتق رقبة، فجاءه بجارية، فاختبر تلك الجارية، هل هي مؤمنة أم لا؛ لأن الله يقول: رسم> فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ قرآن> رسم> فقال: أين الله؟ قالت: في السماء. وأشارت إلى السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. فقال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة متن_ح> رسم> أقرها على أن الله في السماء. وهذا دليل على أن هذا علامة الإيمان: الاعتراف بأن الله تعالى في السماء، وأنه فوق عباده.
كذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للحصين اسم> الحصين اسم> والد عمران بن الحصين اسم> الصحابي المشهور، جاء بوالده وهو شيخ كبير، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> كم إلها تعبد؟ كم تعبد من الآلهة؟ فقال: سبعة، ستة في الأرض، وواحد في السماء متن_ح> رسم> الذي في السماء يعني: هو الله تعالى؛ لأنهم يعرفون أن الله تعالى فوقهم، وأنه في السماء رسم> فقال: من تعد لرغبتك ورهبتك إذا حزبك أمر؟ من تدعوه؟ قال: الذي في السماء متن_ح> رسم> يعني: يعرف أن الآلهة التي في الأرض السبعة، الأصنام التي كان يعبدها أنها لا تفيده، وأنها لا تغني عنه شيئا، فإذا حزبه أمر رغب إلى الذي في السماء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> اترك الستة، واعبد الذي في السماء، وأنا أعلمك دعوتين رسم> اترك الستة يعني أنها أصنام لا تنفع ولا تضر، واعبد الذي في السماء الذي هو الله، أسلم رسم> علمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي متن_ح> رسم> دعوة صالحة.
نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة، وعلامات الصحابة: أنهم يسجدون في الأرض، وإلههم في السماء. وهذا أيضا دليل على أن الله تعالى فوق عباده، وأنه في السماء، روى أبو داود اسم> حديثا يسمى: حديث الأوعال، حديث فيه رسم> بعد ما بين كل سماء إلى سماء ما بين الأرض والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة سنة، وكثف السماء مسيرة خمسمائة، وما بين السماء الدنيا والسماء الثانية مسيرة خمسمائة سنة متن_ح> رسم> وذكر الحديث، ثم قال: رسم> وفوق ذلك ثمانية أوعال، ما بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء، وعلى ظهورهم العرش، والله فوق العرش متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> والله فوق ذلك متن_ح> رسم> رسم> وفوق ذلك العرش، والله فوق العرش متن_ح> رسم> فهذا حديث مشهور رواه أبو داود، ورواه ابن خزيمة في كتابالتوحيد حديث> المطبوع، الذي اشترط أنه لا يذكر فيه إلا الأحاديث الصحيحة.
فالحاصل.. أن هذا وما أشبهه مما أجمع عليه السلف رحمهم الله، هذه الأدلة أجمعوا على نقلها وعلى قبولها، وتلقيها بالقبول، ولم يتعرضوا لردها ولا تأويلها ولا تحريفها ولا تشبيهها بصفات المخلوقين، ولا تمثيل شيئا من صفات الله تعالى بصفات خلقه.
مسألة>