إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
تابع لمعة الاعتقاد
56583 مشاهدة
عذاب القبر ونعيمه

...............................................................................


عذاب القبر ونعيمه حق، استعاذ به النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر به، أمر بالاستعاذة به في كل صلاة: إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيخ الدجال ؛ فدل على أن عذاب القبر حق، وفتنة القبر حق، وسؤال منكر ونكير حق، وهذا أيضا مما نؤمن به؛ وإن لم نكن ندركه.
ورد في الحديث: أن القبر يصير على صاحبه روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار. ونحن لا ندرك ذلك.
أنكر ذلك كثير من الفلاسفة، وقالوا: إننا حفرنا القبر بعد ثلاث، وجدناه كما وضعناه؛ بل وضعنا على صدره الزئبق، وجدناه لم يتحرك، فكيف يأتيه ملكان؟‍ وكيف يجلسانه؟‍ وكيف يسألانه؟ وكيف يوسع عليه؟ أو كيف يضيق عليه؟ فبالغوا في الإنكار في ذلك.
وأجيبوا يعني رد عليهم العلماء كابن القيم في كتاب الروح، وكذلك تلميذه ابن رجب في أهوال القبور، فردوا عليهم وقالوا: إن الحساب والعذاب على الأرواح، أما الأجساد فإنها تفنى.
هذا الجسد الذي هو هذه العظام وهذا اللحم يفنى، يأكله الدود، وتأكله الأرض، ويصبح ترابا وعظاما، والله تعالى قادر على أن يوصل إليه ألما أو يوصل إليه نعيما؛ ولو كان ترابا. وأما الروح فإنها هي التي تخرج من الجسد، وبخروجها من الجسد لا تفنى، يقول السفاريني
وأن أرواح الـورى لـن تعـدم
مـع كـونها مخلـوقـة فاستفهـم
فالروح باقية، يعني: لا تفنى، فهي التي يكون عليها الحساب، ويكون عليها العذاب في البرزخ أي فيما بين الدنيا والآخرة، وهي التي تنعم، وهي التي تعذب، وفي حديث الشهداء لما ذكر الله أن الشهداء أحياء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أرواحهم جعلت في أجواف طير خضر تعلق في شجر الجنة يعني: أرواحهم انفصلت عن أبدانهم، وهي التي ذكر الله أنها حية.

يقول: وسؤال منكر ونكير حق، ورد في الحديث: أن ملكان في القبر: منكر ونكير ملكان، وأنهما يسألان الميت في قبره من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ ورد في ذلك أحاديث، ذكر كثيرا منها ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.