القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
تابع لمعة الاعتقاد
79018 مشاهدة print word pdf
line-top
عجز البشر عن أن يأتوا بمثل القرآن

...............................................................................


عجز البشر عن أن يأتوا بمثله، تحداهم الله تعالى بقوله: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فعجزوا، ثم تحداهم بعشر سور في قوله: فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ عجزوا، ثم تحداهم بسورة: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فعجزوا. أخبر بأنهم لا يقدرون: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لو اجتمعوا أولهم وآخرهم على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في إعجازه وبلاغته وقوته وأساليبه وما يحتويه لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ لا يقدرون وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا أي: مساعدا ومعاونا، فصدق الله تعالى هذا القول، فلن يقدروا على أن يأتوا بمثله، هو هذا الكتاب العربي الذي في هذا المصاحف، الذي قال فيه الذين كفروا لما كذبوه: قالوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ فدل على أنهم يريدون هذا القرآن الذي في المصاحف.
وقال بعضهم: حكى الله عن الوليد والد خالد بن الوليد أنه قال: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ يعنى: أنه مفترى، وأنه سحر، فكذبهم الله تعالى وقال: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ أي: على تكذيبه القرآن.
ادعوا أنه قول شاعر، ادعوا أنه كاهن، فكذبهم الله، قال تعالى: وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ونزه نبيه بقوله: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ نفى الله تعالى أنه شعر؛ لأنه لا يشبه الشعر في وزنه وفي قوافيه، ونحو ذلك.
أثبت أنه قرآن، فلم يبق شبهة لذي لب أي لذي عقل أن القرآن هو هذا الكتاب الكريم، الكتاب العربي الذي هو كلمات وحروف وآيات، أن هذا هو القرآن، خلافا لما يقوله الأشاعرة: من أن القرآن هو المعنى، أو أن القرآن معنى قائم بذات الله تعالى.
وكلمات: إذا قلت مثلا: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ثلاث كلمات.
وأنه حروف: يعني كل كلمة فيها عدد حروف بسم الله: الباء حرف، والسين حرف، والميم حرف، وهكذا.
وأنه آيات تقول مثلا: سورة الكوثر ثلاث آيات، وسورة الملك ثلاثون آية، سورة السجدة ثلاثون آية، سورة الفجر ثلاثون آية، وأشباه ذلك؛ لأن ما ليس كذلك يعنى الذي ليس بكلمات مسموعة، وليس فيه حروف، ولا آيات. لا يقول أحد أنه شعر؛ المشركون لما سمعوه، قالوا: إنه شعر. فدل على تكذيبهم، ودل على أنه حروف وآيات، ودل على خطأ الأشاعرة الذين يقولون: إنه المعاني، إن كلام الله هو المعاني، لا أنه هو الحروف، ثم إن الله تعالى تحداهم في أن يأتوا بسورة، قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ فعجزوا عن ذلك.
لا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بشيء لا يدرى ما هو؛ لو كان القرآن هو المعاني التي لا يدرى ما هي ولا تعقل لما قال لهم: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ قال تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا فيدل على أنهم يسمعونه، وأنهم يعقلونه، فدل على أنه هذا القرآن الذي يسمع، وأنه هو كلام الله، أما الذين يقولون: إنه المعاني. فإن المعاني غير ظاهرة.
كذلك أثبت أن القرآن هو الآيات التي تتلى عليهم في قوله: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ هذا هو القرآن، وقال تعالى: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ آيات بينات، دل على أنه آيات يعنى مكونة من كلمات. كذلك قال تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ بعد أن أقسم على ذلك بقوله: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أقسم على ذلك، فدل على أنه هذا القرآن الذي في المصاحف هو القرآن الكريم، هو الذي لا يمسه إلا المطهرون، وهو الذي تنزيل من رب العالمين.
وقال تعالى: كهيعص وقال: حم عسق هذه أيضا من القرآن. هذه الحروف التي في أوائل السور افتتح الله تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة؛ يعني: منها: الم، المص، المر، الر، طس، طسم، حم، كهيعص، طه، يس، ق ونحوها. هذه تسع وعشرون سورة، كلها مفتتحة بحروف مقطعة؛ وذلك دليل على أنها من القرآن.

line-bottom