إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
تابع لمعة الاعتقاد
68234 مشاهدة print word pdf
line-top
الإسراء والمعراج

...............................................................................


ثم ذكر الإيمان باليوم الآخر والإيمان بالغيب. يجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور الغيبية، وصح فيه النقل فيما شاهدناه أو غاب عنا، فالذي شاهدناه كالمعجزات ونقلها الصحابة فنؤمن بها، والذي غاب عنا كأشراط الساعة وعذاب القبر وما أشبهه، نعلم أن الجميع حق وصدق، ولا نفرق بين ذلك؛ سواء عقلناه أو جهلناه، يعني: قد يكون بعض الأشياء لا تبلغها عقولنا فنصدق بها، ونقول: إنها حق، ولا عبرة بمن كذب بذلك.
وكذلك الشيء الذي لم نطلع على حقيقة معناه، مثال ذلك: الإسراء والمعراج، أنكره كفار قريش، لما قال لهم: إنه أسري بي البارحة إلى بيت المقدس ثم رجعت في ليلتي. فأعظموا ذلك وأكبروه، وقالوا: نحن نذهب مسيرة شهر، ثم نرجع مسيرة شهر، وأنت ذهبت ورجعت في ليلة؟‍‍‍‍! هذا لا يكون. فكذبوه في ذلك، وأنزل الله: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وكذلك أيضا المعراج، أنه عرج به إلى السماء السابعة، وفرضت عليه الصلوات الخمس، ثم رجع في ليله، وكان ذلك يقظة لا مناما. قريش أنكرته وأكبرته، ولم تكن تنكر المنامات، الإنسان يرى في نومه أنه ذهب إلى كذا وكذا، وأنه ما تنكر الأحلام؛ ولكن هذا دليل على أنه كان يقظة، وأنه أسري بجسده وروحه جميعا. وإن أنكر ذلك من أنكره، لما أخبر أبو بكر قيل له: إن صاحبك يزعم أنه ذهب به البارحة إلى بيت المقدس ثم رجع. فقال: صدق، إني أصدقه في أعجب من ذلك، أصدقه في خبر السماء. بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة سنة، وبين كل سماء إلى سماء كذلك؛ ومع ذلك ينزل الملك من السماء العليا في لحظات ويخاطب النبي صلى الله عليه وسلم. دليل على أن ذلك في قدرة الله تعالى يسير، وأنه قادر على كل شيء، أقدر هذا الملك بخفته، أن يقطع هذه المسافات في لحظات.

line-bottom