إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
64080 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان قولٌ وعمل يزيد وينقص

25- والإيمان قولٌ وعمل يزيد وينقص؛ كما جاء في الخبر: أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا .


مسألة الإيمان من المسائل التي اختلف فيها أهل السُّنّة مع المرجئة ونحوهم.
قال أهل السُّنّة: إن الإيمان قول وعمل، وأنه تدخل فيه العقائد، وتدخل فيه الأقوال والأعمال، فهو قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، فالأقوال الأذكار ونحوها تكون من الإيمان، والعقائد، وأذكار القلب تكون من الإيمان، والأعمال البدنية داخلة في مسمى الإيمان، ودليل ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان .
فكلمة لا إله إلا الله من الإيمان ، وهي قول باللسان، وإماطة الأذى عن الطريق من الإيمان، وهي عمل بالبدن، والحياء من الإيمان، وهو عمل قلبي، وكذلك بقية شُعَب الإيمان.
لذلك أيضًا نقول: إن من الإيمان جميع الأعمال التي هي قُربة، ويزيد بها الإيمان، وينقص بالمعاصي فالإيمان عند أهل السُّنّة: يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
وقد أخبر الله بأنه يزيد في قوله -تعالى- لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ونحو ذلك. وكل شيء قَبِلَ الزيادة فهو قابل للنقصان، فالإنسان إذا ذكر الله وحمده وشكره زاد إيمانه، وإذا تكلم بسوء أو شتمٍ أو سِباب أو معصية نقص إيمانه، وهكذا.

line-bottom