شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
98297 مشاهدة print word pdf
line-top
وجوب الإيمان بما جاء في القرآن من القصص

...............................................................................


فإذا عرفنا ذلك فنقول: إن الله تعالى ذكر أن هذا العبد الصالح الذي هو ذو القرنين بلغ المشرق والمغرب في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ثم قال: ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ فلا بد أن نعتقد بأنه وصل إلى مكان رأى الشمس تغرب فيه في تلك العين، وإن كان وراءها ناس وخلق ولكنه وقف عند تلك العين ولم يستطع أن يتجاوزها، ولعل ذلك بحر من البحار التي رأى أنه لا يمكن قطعها فتوقف عند ذلك أمره الله بقوله: إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا إلى آخر الآيات.
ثم بعد ذلك رجع جهة المشرق فتوجه جهة المشرق حتى وصل إلى مكان لم يجد وراءه مسيرا، ووجد الشمس تطلع على قوم لا يكادون يفقهون قولا أي لا يعرفون كلامه، وذلك لأن لغات أهل الأرض متفاوتة ولعل الله تعالى فتح عليه وعلمه لغة كل قوم حتى يقيم عليهم الحجة ويدعوهم إلى الله تعالى ويثيب من أطاعه واتبعه ويعاقب من عصاه ولذلك قال: أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا .
نصدق بما أخبر الله تعالى عنه في هذه الآيات أنه بلغ المغرب والمشرق، ولكن نعرف أن الأرض ليس لها نهاية حتى يصل إلى منتهاها، ونعرف أيضا أن المراد بالمشرق والمغرب هو ما انتهى إليهما السير، وقد يكون قطع ذلك في عشر سنين أو في عشرين سنة أو في أكثر أو في أقل، فإن ذلك قد يكون في الإمكان إذا أمده الله تعالى بقوة وأعطاه ما يتمكن به من السير في أرجاء الأرض، وبكل حال فإن هذا مما امتحن الله تعالى به العباد هل يصدقون أم لا يصدقون، فإذا آمنوا بما أخبر الله تعالى في ذلك كله وإن لم تدركه عقولهم كان هذا مما يثابون عليه ويدخل في الإيمان بالغيب الذي مدح الله تعالى به في قوله تعالى : هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فنؤمن بالغيب الذي أُخبرنا به فيما سبق وإن لم نتخيل وقوعه، وكذلك أيضا نؤمن بالغيب الذي أخبرنا به في المستقبل وما يكون من أمر هذه المخلوقات .
قد أخبرنا الله تعالى أنه إذا قامت القيامة فإن الشمس تكور في قوله: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ أي جمعت ولو كانت أكبر من الأرض أو مثلها أو نحو ذلك، وأخبر بأن النجوم مع كثرتها تتساقط في قوله تعالى: وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ أي تساقطت سقطت كما يشاء الله نصدق بذلك، وإن كنا نعرف أيضا أنها كبيرة لا يقدر قدرها إلا الله تعالى يعني هذه النجوم التي هي مركبة في السماء الدنيا والتي جعلها الله تعالى زينة لها قال الله تعالى: وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا أي هذه المصابيح التي هي النجوم جعلها الله تعالى زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها وسماها مصابيح وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ .
فإذا كان يوم القيامة فإنها تتناثر على الأرض وتمد هذه الأرض مد الأديم العكاظي ويبسطها الله تعالى ويحاسب الخلق عليها ويجمع الله عليها أول الخلق وآخرهم كما قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ فإذا كان يوم القيامة جمعهم الله جمعهم في صعيد واحد وحاسبهم، وكانوا جميعا على وجه الأرض ولو كانوا كثيرا لا يحصي عددهم إلا الله تعالى.
فعند ذلك يثيب الله الصالحين والأتقياء ويعاقب غيرهم من الكافرين بما يشاء كما عاقب بعضهم في الدنيا وعجل لهم العقوبة وأثاب بعضهم وعجل لهم ثوابا وادخر لهم أيضا الثواب، فكل ذلك مما يصدق به العباد، أما بعد البعث وعندما يدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار، فقد قيل أيضا: إن هناك ما يستدلون به على الليل والنهار وأنه هناك ليل ونهار واستدل بقول الله تعالى: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا يدل على أن هناك بكرة التي هو أول النهار وعشيا يعني هو آخر النهار، ولكن قيل إن معنى ذلك رزقهم يأتيهم كل وقت كما يأتيهم في الدنيا في أول الليل وفي آخره أو في أول النهار وفي آخره بكرة وعشيا.
وورد أيضا في بعض الأحاديث في صفة يوم القيامة أن الشمس تدنو من العباد حتى تكون كالميل يقول الراوي: فلا أدري هل أراد الميل الذي تكحل به العين أو الميل الذي هو المسافة مسافة السير، فإن هناك مسافة نحو كيلوين إلا ثلث تسمى الميل ويمكن أنه أراد أنها تدنو حتى تكون في هذه المسافة ويزاد في حرها فحينئذ يعرق الناس إذا اشتدت عليهم حرارتها، ولعل ذلك قبل أن يأتي الزمان الذي يكورها الله تعالى ورد أيضا في بعض الأحاديث: أن الشمس والقمر عقيران يوم القيامة في النار وذلك لأنهما كانا خلقا لأمر من الأمور فإذا انقضى ذلك الأمر فإن الله تعالى يزيل أجرامهما، خلقهما الله تعالى للعبرة وخلقهما لمعرفة الحساب وخلقهما للنور والإضاءة فإذا كان يوم القيامة وزالت الحاجة إليهما فإنهما يكونان عقيرين، ورد أيضا في بعض الأحاديث أنه يقال: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ومن كان يعبد القمر القمر قيل معناه أن الشمس تنزل ويقال: هذه الشمس التي كنتم تعبدونها فيتبعونها، حتى يسقطوا في النار، ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت.
فكل ذلك دليل على أن هذه الشمس والقمر أنها مؤقتة بهذه الدنيا وأنها يوم القيامة تزول الحاجة إليها، وأنه ليس في الجنة ليل ولا نهار وإنما نورهم من نور الله تعالى ولهذا روي أيضا أن وقتهم كله ضياء ليس فيه حرارة شمس ولا فيه ظلمة ليل وهذا من تمام نعيم أهل الجنة أنهم نهارهم وليلهم سواء، وأما أهل النار فقد يكونون في ظلمة شديدة عقوبة لهم والله على كل شيء قدير .

line-bottom