الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
98251 مشاهدة print word pdf
line-top
بيان قول الله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: قال: أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا يعقوب القمي قال: حدثنا جعفر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى -رضي الله عنه- في قوله عز وجل: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ قال: مشارق الصيف مشرقان، ومغارب الشتاء مغربان، تجري فيهما الشمس ستين وثلاثمائة يوم في ستين وثلاثمائة برج، لكل برج مطلع، لا تطلع يومين من مكان واحد، وفي المغرب ستون وثلاثمائة برج، ولا تغيب يومين في برج واحد.
قال: حدثنا أبو يعلى قال: حدثنا أبو الربيع قال: حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب في قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ قال: مغرب للشتاء ومغرب للصيف، ومشرق للشتاء ومشرق للصيف.
قال: حدثنا أبو يعلى قال: حدثنا أبو الربيع قال: حدثنا إسماعيل ابن عُلَيَّة قال: حدثنا عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الشمس كل سنة في ثلاثمائة وستين كوة، تطلع كل يوم في كوة فلا ترجع إلى تلك الكوة إلى ذلك اليوم من العام المقبل، ولا تطلع إلا وهي كارهة، تقول: رب لا تطلعني على عبادك، فإني أراهم يعصونك يعملون بمعاصيك، أراهم.. أراهم ! وقال: ألم تسمع إلى ما قاله أمية بن الصلت قال: حتى تجر وتجلد. فقلت: يا مولاه تجلد الشمس؟! قال: عضضت بهن أبيك! إنما اضطره الروي إلى الجلد.
قال: أخبرني محمد ابن المصاحفي قال: حدثنا ابن البراء قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه، عن وهب عن سلمان رضي الله عنه، قال: خلق الله عز وجل الشمس من نور عرشه، وكتب في وجهها: إني أنا الله لا إله إلا أنا، صغت الشمس بقدرتي، وأجريتها بأمري، وكتب في بطنها: أنا الله لا إله إلا أنا، رضائي كلام، وغضبي كلام، ورحمتي كلام، وعذابي كلام. وخلق القمر من نور حجابه الذي يليه، ثم كتب في وجهه: إني أنا الله لا إله إلا أنا، صغت القمر، وخلقت الظلمات والنور، فالظلمة ضلالة، والنور هداي، أضل من شئت وأهدي من شئت، وكتب في بطنه: إني أنا الله لا إله إلا أنا خلقت الخير والشر بقدرتي وعزتي أبتلي بهما من شئت من خلقي.
قال: حدثنا ابن جعفر الحمال قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع رحمه الله تعالى في قوله: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا قال: الشمس والقمر في حسبان، فإذا خلت أيامهما فذلك آخر الدهر، وأول الفزع الأكبر.
قال: حدثنا الوليد قال: أخبرنا أبو العباس الحسين بن علي قال: قال قرئ علي عامر عن أسباط عن السدي وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا يقول: بحساب.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا محمد بن النصر قال: حدثنا بكر قال: حدثنا قيس عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال تدور السماء في أبوابها كما تدور الفلكة بالمغزل.
قال: حدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن الحسن بن مختار قال: حدثنا جعفر عن عون عن سفيان عن إسماعيل عن أبي مالك رحمه الله: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ قال بحساب ومنازل.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا الحسن بن سهل الجعفري قال: وحدثنا عبدة بن سليمان قال: حدثنا موسى بن المسيب الثقفي عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يا أبا ذر، قلت: لبيك يا رسول الله، وأنا فداؤك، قال: تدري أين تذهب هذه إذا برزت عنك؟ فنظر إلى الشمس، قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تأتي مستقرها عند العرش، فتخر ساجدة للرحمن عز وجل، فلا تزال كذلك حتى يؤذن لها .
قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال: حدثنا مؤمل بن هشام قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: تدري أين تذهب هذه الشمس؟ تجري لمستقر لها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارجعي من حيث جئتِ، فتصبح طالعة من مطلعها لا ينكر الناس منها شيئا، حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، فيقال لها: اطلعي من مغربك، فتطلع من مغربها، أتدري أي يوم ذلك؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا .
قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال: حدثنا محمد بن معمر قال: حدثنا روح عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمي عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بنحوه.
قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو قال: حدثنا محمد بن المؤمل بن الصباح قال: حدثنا الحكم بن مروان قال: حدثنا أبو مريم - يعني: عبد الغفار بن القاسم عن هارون بن سعيد عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت في المسجد عند غروب الشمس، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش عند ربنا عز وجل، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها، حتى تشفع وتطلب، فإذا طال عليها قيل لها: اطلعي مكانك، فذلك قول الله عز وجل: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ .
قال: حدثنا أحمد بن عمرو قال: حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان بن حسين عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت ردف النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على حمار والشمس عند غروبها فذكر نحوه.
قال: حدثنا أحمد بن عمرو قال: حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد حين وجبت الشمس، فقال: يا أبا ذر! تدري أين تذهب الشمس؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد فتستأذن ربها عز وجل في الرجوع، فيؤذن لها، وكأنها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئت، فترجع إلى مغربها، وذلك قوله عز وجل: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا .
قال: حدثنا إبراهيم بن متويه قال: حدثنا يوسف القطان قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا قال: المستقر منتهاها .
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا عمرو الأودي ويوسف القطان قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: مستقرها تحت العرش .
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا يوسف قال: حدثنا عمرو عن سعيد عن قتادة رحمه الله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا وقت واحد لا تعدوه.
قال: حدثنا محمد بن الحسين الطبركي قال: حدثنا أبو غسان زنيج قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه في قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا قال: طلوع الشمس من مغربها مع القمر كالبعيرين المقترنين، ثم قرأ هذه الآية: وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ .
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا ابن أبي زياد قال: حدثنا سيار قال: حدثنا الحارث بن نبهان قال: حدثنا عطاء بن السائب عن ميسرة -رحمه الله تعالى- قال: بلغنا أن الشمس إذا غربت صلت، والقمر والكواكب والليل والنهار والملائكة، فإذا كان ليلة القيامة قيل للشمس: لا تبرحي، والقمر والليل والنهار والكواكب والملائكة، فيرون أن قد حضر من أهل الأرض هلاك، فيضاعفون في العبادة، وتخلط أهل الأرض بعضهم ببعض جنهم وإنسهم، وتذوب الجبال كما يذوب القار في اليوم الحار، وتغربل الأرض كما يغربل الغربال، فيخرجون ولا يهتدون أن يرجعوا، ولا يرون شمسا ولا أرضا ولا كوكبا ولا جبلا ولا عَلَما، فيقول بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى أقطار الأرض، وذلك قول الله عز وجل: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ .
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال حدثني عبد الصمد قال سمعت وهبا رحمه الله تعالى يقول: إذا كان آخر يوم من الدنيا طلعت الشمس وسدت أبواب مطالعها، ثم غربت يومئذ حتى تبلغ مطلعها يوم الآخر من مسيرها فلا تجد مخرجا، فتحيص حول الأبواب، لأنها مأمورة بالسير فلا تجد مخرجا، فترجع في إثرها، فيستنكر الناس طول تلك الليلة، فمنهم من يصلي ويفزع، ومنهم من يعود إلى منامه، فإذا استطالوا الليل جدا فزع الناس وخرجوا، فلا يروعهم إلا طلوعها من المغرب، فتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، ويفزع الخلق ثم تسير حتى تبلغ وسطها- يعني السماء- ثم تتكور وتتبعها النجوم، وتفر جبال المشرق إلى المغرب، وجبال المغرب إلى المشرق، وتقع جبال البر في البحر، وتخرج جبال البحر إلى البر، فتقوم الساعة.
قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الوليد قال: قال أبو عمرو عن حسان بن عطية رحمه الله قال: الشمس والقمر والنجوم مسخرة في فلك بين السماء والأرض.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن كثب قال: حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا أبي قال: سمعت السدي يحدث قال: الجبل الذي تطلع الشمس من ورائه طوله ثمانون فرسخا في السماء.
قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا أبو حذيفة عن سفيان عن إسماعيل عن أبي صالح لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ولا ينبغي أن يدرك ضوء النهار.
قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا غسان بن الربيع عن أبي إسرائيل عن عطية رحمه الله تعالى في قوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ قال: الشمس تطلع في الشتاء، وتغرب، لها مغرب في الصيف، ومطلع. وفي قوله: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قال: لها كل يوم مطلع ومغرب.
قال: حدثنا الحمال قال: حدثنا يحيى بن معمر قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا شعبة قال: وحدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا خلاد قال: حدثنا النضر قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا عمارة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الشمس تطلع من ثلاثمائة وستين كوة، إذا طلعت في كوة لا تطلع منها حتى العام المقبل، ولا تطلع إلا وهي كارهة.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن علي بن الأسود عن يحيى بن آدم رحمه الله تعالى قال: الشمس تمكث في كل برج شهرا، فالبرج ثلاثون مطلعا، بين كل مطلعين شعيرة، تزيد في كل يوم شعيرة وتنقص، حتى تستكمل الساعة في ثلاثين يوما، ثم تتحول من ذلك البرج إلى البرج الآخر.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد عن الفضل بن الصباح قال: حدثنا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قال: عدد أيام السنة، لها كل يوم مطلع ومغرب، لا ترجع إلى مطلعها ذلك إلى يوم القيامة.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا سعيد بن أبي زيدون قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا إسرائيل عن سعيد عن عكرمة رحمه الله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قال: نصف السماء مشرق، ونصفها مغرب.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا سعيد بن أبي زيدون قال: حدثنا الفريابي عن سفيان عن منصور عن مجاهد رحمه الله تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قال: الشمس والقمر.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا الفريابي عن سفيان رحمه الله تعالى: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قال: الشمس والقمر.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا الفريابي عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ قال: منه الشمس والقمر.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا عبيد بن آدم قال: حدثنا أبي عن ابن شيبة عن عطاء رحمه الله تعالى: وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا يعني القمر إذا تبع الشمس، وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ قال: إذا جمع واستوى.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا حسين بن علي بن الأسود قال: حدثنا الحسين الجعفي عن إسرائيل بن موسى البصري عن الحسن رحمه الله تعالى قال: قال القمر لربه تبارك وتعالى: اللهم إنك فضلت الشمس عليَّ ونقصتني وأشنتني، فلا تطلعها على ما نقصت مني وأشنتني.
قال الحسن رحمه الله تعالى: فلا ترى القمر أبدا إلا والتمام مما يلي الشمس.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا يونس وأحمد بن سعيد قال: حدثنا ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: هذا القمر يا عائشة استعيذي بالله من شره، هل تدرين ما هذا؟ هذا الغاسق إذا وقب .
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا يوسف القطان قال: حدثنا عمرو عن سعيد عن قتادة رحمه الله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ قال: قدره الله منازل، فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة، يشبهه بعذق النخلة.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا الربيع قال: حدثنا أصبغ عن ابن زيد وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا قال: القمر يتلو الشمس نصف النهار الأول، وتتلوه النصف الآخر، فأما النصف الأول فيتلوها وتكون أمامه وهو وراءها، فإذا كان النصف الآخر كان أمامها يقدمها وهي تليه.


في هذه الآثار تفاسير لبعض الآيات القرآنية، فيصدق المؤمن بما يؤيده الدليل، وبما قامت عليه الحجج. وإذا قيل: كيف الجمع بين قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فإن في هذه الآية مشرقا ومغربا واحدا، وبين قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ... مشرقين ومغربين، وفي آية أخرى: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ذكر عددا: مشارق ومغارب؟
فالجواب: أما المشرق والمغرب: فالمراد به الجهة: جهة الشرق تسمي مشرقا، تشرق منها الشمس، ويشرق منها القمر، وتشرق يعني تطلع منها النجوم. وجهة الغرب: هي المغرب، تغرب فيها الشمس والقمر والكواكب، فأطلق المشرق والمغرب، وأراد بذلك الجهتين. مثل قول الله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ أي الجهات، قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ أي: الجهات.
وأما المشرقين والمغربين: فالمراد مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، فالشتاء تطلع في جهة الجنوب- وذلك لقصر النهار- وأما الصيف: فتطلع في جهة الشمال، وذلك لطول النهار، فكان للشمس مطلع للشتاء ومطلع في الصيف، وكذلك مغرب في الشتاء ومغرب في الصيف، يعني متقاربان.
وأما الجمع: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ فإن المراد: أن الشمس في كل برج لها مطلع، والبروج اثنا عشر، قال الله تعالى: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وقال: وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا هذه البروج هي: مثل الطرق تسير معها الشمس، اثنا عشر برجا. نظمها بعضهم بقوله:
حـمل الثـور جـوزة السرطان
ورأى الليـث سنبـلة الميـزانِ
ورمت عقـرب بالقـوس جديـا
وارتوى الدلـو من بركة الحيتانِ
أي: اثنا عشر برجا: الحمل، والثور والجوزاء والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. هذه هي بروج السنة الشمسية، فكل برج تسير فيه الشمس شهرا.
بعض البروج ثمانية وعشرون يوما، وبعضها واحد وثلاثون يوما، وبعضها ثلاثون. هذه البروج التي هي المشارق، المشارق والمغارب سير الشمس كل شهر في مطلع، أو في برج، فلذلك جمعها الله تعالى، مجموع أيام البروج: ثلاثمائة وخمسة وستون يوما، وهي أيام السنة الشمسية، أي أن الشمس تدور في كل ثلاثمائة وخمسة وستين دورة، فلذلك بهذا الحساب -الحساب بالبروج- لا تتغير الأزمنة. ثلاثة بروج، بروج الصيف، وثلاثة للربيع، وثلاثة للخريف، وثلاثة للشتاء.
فنعتقد أن هذه البروج الله تعالى هو الذي سخرها، وجعل الشمس تطلع وتغرب فيها بإذن الله تعالى. كذلك أيضا سمعنا في أحاديث أن الشمس تسجد: في حديث أبي ذر الذي في صحيح مسلم أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأنها تجري حتى تكون تحت العرش، ثم تسجد، ثم يقال لها: اطلعي من مطلعك، فتطلع، وهكذا كل يوم. لا مانع من أنها إذا جاءت العرش أنها تسجد كما شاء الله، ولكن لا يعوقها ذلك عن سيرها، فهي تسير سيرا حثيثا، ولو كانت ساجدة، فهي تخاطب يقال لها: اطلعي كما شئت. وتطلع كما شاء الله، ولا تتأخر عن السير الذي قدره الله تعالى لها.
وأما طلوعها من مغربها: فهذا وردت فيه أحاديث كثيرة، وَفُسِّرَ بذلك قول الله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ أن المراد ببعض الآيات: طلوع الشمس من مغربها. وذلك يكون في آخر الدنيا، عند قرب قيام الساعة. الله تعالى قادر على أن يطلعها من مغربها، كما كانت تطلع من مشرقها، فإن الذي يسيرها هو الله تعالى.
وقد تكاثرت الأحاديث بذلك في أنها تطلع في آخر الدنيا من مغربها، وإذا طلعت ورآها الناس آمنوا كلهم، ولكن ذلك الوقت لا ينفعهم الإيمان، قال الله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا أي: متى طلعت هذه الشمس من مغربها آمنوا، فصدقوا، ولكن يكون قد ختم على الأعمال، فلا ينفعهم، ويكون ذلك قبل قيام الساعة، قرب النفخ في الصور، الذي هو نفخ الصعق، فيكون بعد ذلك إلا وقت قليل، فينفخ في الصور، فتطلع الشمس كما شاء الله تعالى من مغربها.
إذاعرفنا بأن الشمس مسخرة وكذلك القمر، عرفنا أن كلا منهما مسخر مسير مذلل، الله تعالى هو الذي يسيرهما فلا نقول باستنكار ما ذكر في هذه الأحاديث.
كذلك أيضا إذا عرفنا مثلا أن هذه الشمس جارية كما شاء الله، والقمر كذلك، فإن الذي يسيرهما هو الرب سبحانه وتعالى، أخبر بأن الشمس تجري لمستقر لها، فالمعنى: أنها تجري إلى الزمان التي تستقر فيه ولا تجري، وهو يوم القيامة، عندما تطلع من مغربها، أو عندما ينتهي الزمن الذي قدر الله أنها تسير فيه، حتى يكون هناك ليل أو نهار، قدر الله تعالى أنها تجري.
ثم قال: وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ قيل: إن منازل القمر هي الأيام التي ينزل فيها في كل ليلة، ينزل منزله، ومنازله: هي النجوم الثمانية والعشرون، التي ورد أنها ينزل في كل ليلة مرة، ثم يستقر ليلة أو ليلتين حتى يتم الشهر ثلاثين أو تسعا وعشرين ليلة. أخبر الله بأنه يمشي، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ أول الشهر يكون تابعا للشمس، هذا ما نقوله: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا في أول ليلة تغرب قبله مثلا بخمس دقائق، وفي الليلة الثانية تغرب قبله بنحو خمسين دقيقة، وفي الليلة الثالثة تغرب قبله بأكثر، وهكذا يكون يتبعها، هذا معنى: وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا في آخر الشهر تسبقه، أو يسبقها، يغيب قبلها في آخر الشهر، بمعنى أنه يطلع بعدها متأخرا، ثم يغرب قبلها، وتغرب بعده، إلى أن يأتي اليوم الذي يكون الشمس والقمر فيها متقاربين، بمعنى أنه يحل، أو يغرب بعدها بقليل، وهو آخر الشهر.
كل ذلك مشاهد، يعني: يشاهد المسلم، يشاهد بعقله سير الشمس وسير القمر. لا شك أن هذا دليل واضح على أن الشمس والقمر مسخران مسيران كما شاء الله، وأن الذين يدعون أن الشمس ثابتة، وأن الأرض هي التي تستدير حوله أنهم لم يعملوا أفكارهم، ولم يعرفوا حقيقة المعرفة ما يشاهدونه ويقولونه. أولًا: الأدلة: قوله: وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي .
وثانيا: المشاهد والظاهر. وبكل حال، هذا معتقد أهل السنة الذي أخبرهم الله تعالى به، وكذلك الأمر الذي يشاهده كل عاقل يؤمن به، ولا يدخل في كلامه ما يقوله المتأولون.
س: قال الله تعالى: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ هل هذا دليل على دوران الأرض وسائر الكواكب؟
ما ذكرت الأرض في هذه الآية، إنما ذكر فيها الليل والنهار، والشمس والقمر، واقرأ أولها: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ فذكر في الآية الأربعة: الشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل من هذه الأربعة في فلك يسبحون، الليل يستمر مجيئه وذهابه، وكذلك النهار، وكذلك الشمس والقمر. فهي دليل على أن الشمس والقمر دائرة مستديرة، وأن الليل والنهار تذهب وتجيء.

line-bottom