إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
107788 مشاهدة print word pdf
line-top
النجوم الثابتة

...............................................................................


كذلك أيضا من آياته النجوم الثابتة وهي: نجوم القطب الشمالي فإنها ثابتة لا تتغير، القطب الذي هو الجدي لا يتحرك من موضعه إلا قليلا وحوله يدور نجمان يقال لهما: الفرقدان، يدوران حوله ولا يتعديانه كدوران الرحى، وحوله أيضا بنات النعش تدور أيضا حوله وهي سبع نجمات أربع منها كهيئة النعش تدور حوله ولكن دورة بعيدة. فكل ذلك دليل على أن الله الذي خلقها أنه جعلها آية وعبرة لمن يعتبر ولمن يتعظ ويتذكر إذا رأى ما فيها من الآيات يعني: كونها تسير سيرا محكما لا تتقدم ولا تتأخر. كذلك أيضا ما يشاهد من هذه الشهب التي تنقض من السماء تكثر أحيانا وتقل.
لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- كثر الرمي بالشهب، فعند ذلك انتبه العرب لذلك وقالوا: لا بد أن يكون هذا لحدث، ثم نظروا أو سألوا بعض رؤسائهم وأكابرهم فقال: إن كانت هذه التي يرمى بها هي النجوم الثابتة، فإن ذلك دليل على انقضاء هذه الحياة وعلى تبدلها وانقضاء ما على هذه الأرض.
أما إذا كان الذي يرمى به غير هذه النجوم الثابتة التي تسير في أفلاكها فإن ذلك لأمر حدث، ونظروا وإذا هذه الشهب ليست هي النجوم الثابتة، وإنما هي شهب يرمى بها يمكن أنها تنفصل عن تلك النجوم ينفصل عنها تلك الشهب.
ولهذا ذكر الله أن هذه النجوم رجوما للشياطين في قوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ إلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ وفي آية أخرى: فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ فعرفنا بذلك أن هذه النجوم التي يرمى بها أنها ليست هي النجوم الثابتة، وإنما هي شهب يمكن أنها منفصلة من تلك النجوم الكبيرة يرمى بها من يسترق السمع من الجن والشياطين، كما ذكر الله عن الجن أنهم قالوا : وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا أي: من أراد أن يستمع إلى السماء ليختطف، وليسترق السمع من الملائكة جاءه شهاب مرصد وأحرقه، فهذه من آيات الله الدالة على عظمته أن هذه من أصغر مخلوقاته.

line-bottom