شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
بيان أنواع الرياح
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-
قال:حدثنا إبراهيم بن محمد اسم> قال: حدثنا أبو شيبة الرهاوي اسم> قال: حدثنا يحيى بن آدم اسم> عن أبي بكر بن عياش اسم> عن عاصم بن أبي النجود اسم> عن الحارث بن حسان البكري اسم> أحد بني عامر بن ذهل -رضي الله عنه- قال: رسم> خرجت أريد النبي -صلى الله عليه وسلم- فمررت بعجوز من بني تميم فاستحملتني إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فحملتها. فلما قدمت المدينة اسم> دخلت المسجد؛ فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر وإذا بلال اسم> قائم وهو متقلد السيف وإذا رايات سود. قلت ما هذا ؟ قالوا: عمرو بن العاص اسم> قدم من غزوته قال: فلما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- استأذنت عليه فأذن لي فقلت: إن معي عجوزا من بني تميم استحملتني فحملتها فأذن لها. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل كان بينكم وبين بني تميم شيء؟ قلت: نعم كانت لنا الدبرة عليهم قال: إن رأيت يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تجعل الدهناء بيننا وبينهم فافعل. قالت العجوز: فإلى من تضطرنا يا رسول الله مضر قلت: معزا حملت حتفا. حملتك أو جلبتك لتكوني لي خصما فأعوذ بالله يا رسول الله أن أكون كوافد عاد، قال: وما وافد عاد؟ قلت: على الخبير سقطت؛ إن عادا قحطوا، فبعثوا رجلا منهم يقال له: نعيم اسم> يستسقي لهم فأتى مكة اسم> فنزل على بكر بن معاوية اسم> فأقام عنده وغنته الجرادتان جاريتا بكر بن معاوية اسم> فأقام عنده، ثم ذكر فقال: إن قومي بعثوا بي أستسقي لهم فقال له بكر اسم> استسق لنا معك، فخرج حتى أتى جبال مهرة فصعد فقال: اللهم إني لم آتك لمريض تداويه ولا لعان أفاديه فاسق عادا ما أنت ساقيه واسق بكر بن معاوية اسم> فجعل ترفع له السحابة ويقول للسحابة: اذهبي أنت إلى فلان واذهبي أنت إلى بكر بن معاوية اسم> قال: فرفعت له سحابة سوداء فقال: هذه لآل عاد: اذهبي إلى عاد فنودي منها أن خذها رمادا رمددا لا تُبق من آل عاد أحدا رسم> كانت هي التي أهلكت عادا .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد اسم> قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يسار الحمصي اسم> قال: حدثنا الربيع بن روح اسم> عن إسماعيل بن عياش اسم> عن صفوان بن عمرو اسم> عن أبي الحصين هارون بن رؤبة التغلبي اسم> عن أبي فالج الأنماري اسم> -رحمه الله تعالى- قال: قدمت هذه المدينة فعرفت أرواحها وغيومها. إذا رأيت هذه الريح شرقية قد دامت، ورأيت السحاب الشامي محلقا فهيهات هيهات؛ ما أبعد غيثها. وإذا رأيت الريح غربية قد تحركت، ورأيت السحاب رابيا متسقا فأبشر بالغيث.
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد اسم> قال: حدثنا خشنام بن حمويه البلخي اسم> قال: حدثنا علي بن محمد اسم> قال: حدثنا أبو معشر اسم> عن عيسى بن أبي عيسى الحناط اسم> -رحمه الله تعالى- قال: بلغنا أن الرياح سبع: الصبا والدبور والجنوب والشمال والنكباء والحزوق وريح القائم. فأما الصبا فتجيء من المشرق، وأما الدبور فتجيء من المغرب، وأما الجنوب فتجيء عن يسار القبلة، وأما الشمال فتجيء عن يمين القبلة، وأما النكباء فبين الصبا والجنوب، وأما الحزوق فبين الشمال والدبور، وأما ريح القائم فأنفاس الخلق.
قال: حدثنا أحمد اسم> قال: حدثنا عبد الله اسم> قال: حدثنا أبو عبد الله العجلي اسم> قال: حدثنا حسين الجعفي اسم> قال: حدثنا إسرائيل أبو موسى البصري اسم> عن الحسن اسم> -رحمه الله تعالى- قال: جُعلت الرياح على الكعبة فإذا أردت أن تعلم ذلك فأسند ظهرك إلى باب الكعبة، فإن الشمال عن شمالك وهي مما يلي الحجر، والجنوب عن يمينك وهي مما يلي الحجر الأيسر، والصبا مقابلك وهو مستقبل باب الكعبة، والدبور من دبر الكعبة.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف اسم> قال: حدثنا عبد الرحمن اسم> عن سفيان اسم> عن الأعمش اسم> عن عبد الله بن عبد الله اسم> عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عباس اسم> -رضي الله تعالى عنهما- قال: إذا مطرت السماء فتحت الأصداف أفواهها فما وقع فيها فهو اللؤلؤ.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا أبو كريب اسم> قال: حدثنا المحاربي اسم> قال: حدثنا فطر بن خليفة اسم> عن حبيب بن أبي ثابت اسم> عن عبيد بن عمير اسم> رحمه الله تعالى رسم> اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا قرآن> رسم> قال: يبعث الله -عز وجل- ريحا فتقم الأرض، ثم يبعث الثانية فتثير سحابا فيجعله كسفا، ثم يبعث الله -عز وجل- الثالثة فيؤلف بينه فيجعله ركاما، ثم الرابعة فتمطر.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا الحسين بن علي بن الأسود اسم> قال: حدثنا عمرو العنقزي اسم> عن أسباط اسم> عن السدي اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ قرآن> رسم> قال: يرسل الله -عز وجل- الريح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين؛ طرف السماء والأرض حين يلتقيان فيخرجه، ثم ينشره فيبسطه في السماء وكيف يشاء فيسيل الماء على السحاب، ثم يمطر السحاب بعد ذلك رسم> بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ قرآن> رسم> قال: بين يدي المطر، والمطر رحمته.
قال: حدثنا العباس بن حمدان اسم> قال: حدثنا محمد بن معمر اسم> قال: حدثنا روح اسم> عن سعيد اسم> عن قتادة اسم> -رحمه الله تعالى- قال: إن من الرياح عقيما وعذابا حين ترسل لا تلقح شيئا، ومن الريح رحمة تنشر السحاب وينزل بها الغيث.
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال:حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد اسم> قال: حدثنا الحسين بن علي اسم> عن خلف بن خليفة اسم> عن يعلى بن عطاء اسم> عن أبيه عن عبد الله بن عمرو اسم> -رضي الله عنهما- قال: الرياح ثمان: أربع منها عذاب وأربع منها رحمة. فأما العذاب منها فالعاصف والقاصف والعقيم والصرصر قال الله -عز وجل- رسم> فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ قرآن> رسم> قال: مشئومات، وأما رياح الرحمة: فالناشرات والمنشرات والمرسلات والذاريات.
قال: حدثنا محمد بن إسحاق المسوحي اسم> قال: حدثنا موين اسم> قال حدثنا شريك اسم> عن سالم اسم> عن سعيد اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ قرآن> رسم> قال: حر وبرد.
قال: أخبرنا أبو يعلى اسم> قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي اسم> قال: حدثنا ابن فضيل اسم> قال: حدثنا الأعمش اسم> عن أنس اسم> -رضي الله عنه- قال رسم> كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى الريح فزع وقال: اللهم إني أسألك خير ما أمرت به، وأعوذ بك من شر ما أرسلت به رسم> .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسين اسم> قال: حدثنا أبو هشام اسم> قال: حدثنا ابن فضيل اسم> قال: حدثنا رشدين بن كريب اسم> عن أبيه عن ابن عباس اسم> -رضي الله عنهما- قال: رسم> كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الرسل، وشر ما تجيء به الريح متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا عبدان اسم> قال: حدثنا الصاغاني اسم> قال: حدثنا نعيم بن حماد اسم> قال: حدثنا الوليد بن مسلم اسم> عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر اسم> عن مكحول اسم> عن أبي صخر زياد بن صخر اسم> عن أبي الدرداء اسم> -رضي الله عنه- قال: رسم> كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كانت ليلة ريح كان مفزعه إلى المسجد حتى تسكن الريح، فإذا حدث في السماء حدث من كسوف شمس أو قمر كان مفزعه إلى الصلاة حتى تنجلي رسم> .
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا عبد الله اسم> قال: حدثنا فضيل بن عبد الوهاب اسم> قال: حدثنا محمد بن يزيد اسم> عن جويبر اسم> قال: حدثني أبو داود اسم> أنه سمع ابن عباس اسم> -رضي الله عنهما- يقول في قوله: رسم> فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قرآن> رسم> قالوا: غيم فيه مطر قال: رسم> بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ قرآن> رسم> فأول ما عرفوا أنه عذاب. رأوا ما كان خارجا من رجالهم ومواشيهم يطير بين السماء والأرض مثل الريش؛ دخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح ففتحت أبوابهم ومالت عليهم بالرمل، فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين، ثم أمر الريح فكشفت عنهم الرمل وأمرها فطرحتهم في البحر فهو قوله سبحانه: رسم> فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ قرآن> رسم> .
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد اسم> قال: حدثني إبراهيم بن سعيد اسم> قال: حدثنا أبو اليمان اسم> عن أبي بكر بن أبي مريم اسم> عن ضمرة بن حبيب اسم> -رحمه الله تعالى- قال: الدبور الريح الغربية والقبول الريح الشرقية، والشمال الريح الجنوبية واليمان الريح القبلية، والنكباء التي تأتي من الجوانب الأربع.
قال: حدثنا أحمد اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد اسم> قال: حدثنا شجاع بن الأشرس اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن عياش اسم> عن محمد بن عجلان اسم> عن زيد بن أسلم اسم> عن عطاء بن يسار اسم> -رضي الله عنه- قال: قلت لكعب اسم> -رحمه الله تعالى- من ساكن الأرض الثانية؟ قال: الريح العقيم لما أراد الله -عز وجل- أن يهلك قوم عاد أوحى إلى خزنتها أن افتحوا منها بابا قالوا: يا ربنا مثل منخر الثور قال: إذا تكفأ الأرض بمن عليها فقال: افتحوا منها مثل حلقة الخاتم.
قال: حدثنا أحمد اسم> قال: حدثنا عبد الله اسم> قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل اسم> قال: حدثنا ابن إسماعيل اسم> قال: حدثنا جعفر بن محمد اسم> عن أبيه قال: كان ابن عمر اسم> -رضي الله عنهما- إذا عصفت الريح يقول: شدوا التكبير فإنه يذهب.
قال: حدثنا أحمد اسم> قال: حدثنا عبد الله اسم> قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس اسم> عن أبيه عن وهب اسم> عن ابن عباس اسم> -رضي الله عنهما- قال: الريح ثمان: أربع رحمة وأربع عذاب. الرحمة: المبشرات والمنتشرات والمرسلات والرخاء، والعذاب: العاصف والقاصف وهما في البحر والعقيم والصرصر وهما في البر.
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد اسم> قال: حدثنا الحارث بن مسكين اسم> عن ابن وهب اسم> عن مالك اسم> -رحمه الله تعالى- قال: سئلت امرأة من بقية قوم عاد أي عذاب الله أشد؟ قالت: كل عذابه شديد وسلام الله ورحمته على ليلة لا ريح فيها قالت: ولقد رأيت العير تحملها الريح بين السماء والأرض.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح اسم> قال: حدثنا محمد بن رافع اسم> قال: حدثنا إسماعيل اسم> قال: حدثنا عبد الصمد اسم> قال: سمعت وهبا اسم> -رحمه الله تعالى- يقول: إن عادا لما عذبهم الله -عز وجل- بالريح التي عذب بها كانت تقلع الشجرة العظيمة بعروقها، وتهدم عليهم بيوتهم، فمن لم يكن منهم في بيت هبت به الريح حتى تقصيه في الرمال فهلكوا بذلك كلهم.
نأخذ من هذه الآثار عبرة وموعظة، ودليلها من القرآن. إذا تأملنا الآيات القرآنية وجدنا فيها ذكر هذه الرياح وهذه الريح، فقد ذكر الله تعالى الريح التي أهلك بها عادا. قال تعالى: رسم> وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ قرآن> رسم> سمعنا في بعض الآثار تفسير (عاتية) أنها عتت أي: خرجت بقوة، وأنها سائر الرياح لا يخرج منها إلا شيء يسير، وأما هذه فقد خرجت عاتية، أي: بدون تقدير إلا أن الله يفعل ما يشاء.
وسمعنا أن الله لما أمر الملائكة أن يفتحوا باب الريح، بابا ليهلك قوم عاد، ما فتحوا إلا قدر الخاتم، أي سعتها بقدر سعة الخاتم الذي يلبس في الإصبع، لو فتح أكثر من ذلك لاحتملت القصور وجميع ما على وجه الأرض. فهذا المقدار أهلك الله تعالى به عادًا رسم> سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا قرآن> رسم> أي شديدة رسم> فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى قرآن> رسم> أي منكسين أو مطروحين على وجه الأرض رسم> كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ قرآن> رسم> أي: كأنهم جذوع نخل قد خوت ويبست. ذكر أنها استمرت عليهم سبع ليال وثمانية أيام، أي ثمانية من النهار، ابتدأت بالنهار، وانتهت بالنهار، وبين ذلك سبع ليال، وأنها صرمتهم.
في بعض الآثار التي سمعنا: أنها تراكمت عليهم حتى اندفنوا في الرمل، ثم أمر الله تعالى الريح فنسفت ما عليهم من التراب، وحملتهم وأُلْقُوا في البحر، وأصبحت المساكن منتصبة، يقول تعالى: رسم> فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ قرآن> رسم> ودمرت ما كانوا يملكون، هذه من آيات الله تعالى عبرة وموعظة. ذكر في الحديث أنها الريح الغربية، يقول النبي-صلى الله عليه وسلم- رسم> نُصِرْت بالصبا، وأُهْلِكَت عاد بالدبور متن_ح> رسم> الصبا: التي تأتي من المشرق، والدبور: التي تأتي من المغرب. فهذه التي أهلك الله تعالى بها قوم عاد.
ذكر في هذا الأثر الذي ذكره المؤلف وذكره أيضا ابن كثير اسم> وابن جرير اسم> أيضا عند تفسير قصة عاد في سورة الأعراف في قوله تعالى: رسم> وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قرآن> رسم> إلى آخر القصة : أن عادا لما قحطوا وطال بهم القحط وجفت الأرض ويبست وغارت المياه وكادوا أن يغرقوا أرسلوا اثنين منهم لأجل أن يستسقوا هم، يعرفون أن الله تعالى هو الذي يرسل الرياح، وهو الذي ينزل السحب، وهو الذي يغيث، وهو الذي يسلط القحط على من يشاء، يعترفون بذلك، ولكنهم يشركون: يعبدون مع الله آلهة أخرى، لما تمادوا في شركهم أرسل الله إليهم نبيه هودا اسم> عليه السلام، فلما بلغهم ما أرسل به وقال: رسم> أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا قرآن> رسم> يدل على أنهم كانوا يعبدون آلهة أخرى أخذوها عن آبائهم وأن هودا اسم> أمرهم بأن يعبدوا الله وحده فقالوا: رسم> فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قرآن> رسم> فهددهم، وقال: رسم> قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ قرآن> رسم> يتوعدهم بأن الله غضب عليهم.
فالحاصل أن الله أهلكهم بهذه الريح، كما في قوله تعالى: رسم> إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ قرآن> رسم> العقيم: هي التي لا خير فيها، ولا فائدة فيها، بل فيها ضرر وصفها بقوله: رسم> مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ قرآن> رسم> أي: كالرفات، الرميم هو رفات الشيء إذا أكلته الأرض، العظم إذا أكلته الأرض أصبح رميما، ولهذا قال بعض المشركين: رسم> مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قرآن> رسم> ؟ أصبحوا كالرميم. هذه من آيات الله تعالى، وكذلك أيضا لما جاء المشركون يوم الأحزاب سنة خمس حاصروا المدينة اسم> وضيقوا على المسلمين، وشددوا الحصار عليهم دعا الله نبيه-صلى الله عليه وسلم- فعاقبهم الله في ليلة من الليالي شديدة البرد، أرسل الله عليهم الريح، وأرسل عليهم الملائكة، تقلع خيامهم وتكفئ قدورهم وتطفئ نيرانهم، فلم يقر لهم قرار. قال الله تعالى: رسم> إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا قرآن> رسم> ما رأيتم تلك الجنود الذين هم الملائكة ولا ضرتكم تلك الريح، لما أن الله سلطها عليهم فأضرتهم رجعوا قال الله تعالى: رسم> وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا قرآن> رسم> ردهم بغيظهم رسم> وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا قرآن> رسم> فنصر الله تعالى نبيه بهذه الريح التي أرسلها عذابا على هؤلاء الأحزاب المتحزبين، ولن تضر المسلمين: آية وعبرة. ولهذا قال : رسم> نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور رسم> .
مسألة>