اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
98226 مشاهدة print word pdf
line-top
بيان التفكر في عجائب خلق الله تعالى وأثره الإيماني

...............................................................................


ولذلك تكلم العلماء المحققون على خلق الإنسان, وبيان ما فيه من عجائب خلق الله تعالى, فتكلم ابن القيم رحمه الله في كتابه الذي هو : ( التبيان في أقسام القرآن) عند الآية التي في سورة الذاريات : وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ .
وكذلك تكلم أيضا في المجلد الأول من كتابه الذي سماه مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة وبالغ في ذكر العجائب في هذا الكون، وما فيه من الآيات وما فيه من العبر، لم يقتصر على خلق الإنسان بل بين ما في خلق الحيوانات وعجائب المخلوقات والنباتات من عجائب الخلق.
وهكذا أيضا هناك عالم يقال له القزويني ألف كتابه الذي سماه عجائب المخلوقات وبين ما في هذه المخلوقات من العجائب ومن الآيات والعبر، كل ذلك ليستدل بها الإنسان على أنه ما خُلق عبثا، وعلى أنه لا بد محاسب ومجازى على عمله.
وهكذا أيضا هذا الكتاب الذي نقرأ فيه فإنه يستدل بهذه الآيات الكونية على قدرة وعظمة من أوجدها وخلقها؛ وذلك لأن ربنا سبحانه وتعالى نصبها آيات وجعل فيها عبرا، فإذا نظرنا في الأرض وما عليها لا شك أن فيها آيات بينات ولأجل ذلك قال تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ يعني في نفس الأرض إذا نظر فيها وما فيها من الآيات من النباتات ونحوها، إذا نظرنا إلى أن الأرض كانت هامدة فينزل الله تعالى عليها هذا المطر من السماء ويجعله ماء مباركا ففيه البركة فينبت هذا النبات نباتا كثيرا وتختلف ألوانه؛ مختلفة ألوانه زهوره وطعومه وألوانه وروائحه وأشكاله وثماره وأوراقه مختلفة مع أن أمه واحدة وهي الأرض ولقاحه واحد وهو هذا المطر.
وكذلك أيضا ما ينبته الإنسان؛ حيث جعل الله تعالى هذه الأرض رخاء تنبت ولو جعلها صفاةً ما أنبتت ولهلك من عليها، وكذا لو جعلها معادن لهلك من عليها ولم تنفعهم تلك المعادن، ولو كانت ذهبا أو فضة أو عقيانا أو جوهرا أو نحو ذلك، لا تنفعهم ولا يعيشون وهم عليها إلا إذا جعل الله تعالى فيها هذا النبات وجعلها قابلة له.
وكذلك أيضا إذا تأملنا في أن هذا الماء ينزل من فوقنا؛ لا ندري كيف يتكون، يسوقه الله تعالى يرسل هذه الرياح التي هي رياح شديدة خفيفة أو قوية، فإذا أرسلها سبحانه أثارت هذه السحب، فلو اجتمع الخلق كلهم على أن يثيروا هذه الرياح ما قدروا عليها ولو اجتمعوا على أن ينشئوا هذه السحب ما قدروا على إنشائها، وكذلك أيضا حملها هذا الماء؛ الماء الفرات وجعله فيها إذا شاء حبس المطر عن الأرض وإذا شاء أغدق عليهم الماء وأنزله عليهم وأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم- بأنه رزق لهذه البهائم، ولذلك قال: ولولا البهائم لم يمطروا مع أن فيه رزقا لهم.
وكذلك أيضا ما على هذه الأرض وما بث فيها من هذه الدواب المتنوعة، إذا تأمل الإنسان في خلقها وأن ربنا سبحانه ما أهمل منها شيئا، بل كل دابة وكل طائر صغير أو كبير فقد يسر له رزقه وقد ألهمه كيف يبقى، ألهمه كيف يتوالد كما في قول الله تعالى: الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى أعطى كل شيء من هذه المخلوقات خلقه وألهمه كيف يبقى.
إذا تأملت في أدنى الحيوانات وأصغرها أخذت من ذلك عجبا واستدلالا على أنها خلقت بإحكام، وأن الذي أوجدها هو الذي يقدر على أن يعيدها وأنه خص الإنسان وميزه بأن سخر له هذه المخلوقات وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وميز الإنسان بأن أنطق منه اللسان وفضله بالعقل والإدراك وأعطاه القوة على العمل والتكسب، وألهمه وعلمه كيف يتكسب وكيف يحصل على ما يعيش به نفسه كل ذلك بفضل هذا الإنسان.
ثم إنه تعالى كلف الإنسان لما منَّ عليه بحسن الخلق أمره ونهاه؛ أحل له الحلال وحرم عليه الحرام، ووعده إذا امتثل ما أمر به أن يفوز بدار في دار كرامة الله في دنياه وأخراه، وتوعده إذا خالف وعصى أن ينتقم منه وأن يعجل له العقوبة في الدنيا أو يؤخر له العقوبة والعذاب الأخروي الذي هو أشد وأبقى.
فإذا رزق الله الإنسان عقلا وإدراكا انتبه لذلك ولم يضيع عليه وقته وعمل لآخرته، أما إذا سلب هذه المعرفة فإنه يبقى شرا من حال البهائم، كما في قول الله تعالى: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا أي حال الذين لم يلتفتوا إلى ما خلقوا له ولم يعتبروا بما بين أيديهم وما خلفهم أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ يعني لا يهوى شيئا إلا ركبه أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا فهذه حال الذين وفقهم الله تعالى ورزقهم عقولا ذكية يدبرون بها أنفسهم، وحال الذين سلبوا عقولهم، ولم يعتبروا فيما بين أيديهم وفيما خلفهم نعوذ بالله من الحرمان ونسأله الله العفو والغفران. والآن نواصل القراءة.

line-bottom