بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-
صفة البحر والحوت وعظم خلقهما وعجائب ما فيهما.
قال: حدثني محمد بن عبد الله العاصمي قال: حدثني إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم عن أحمد بن عبد الله الشيباني قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه, عن وهب -رحمه الله تعالى- قال: قال سليمان عليه السلام: يا رب أرني السمكة التي عليها قرار الأرضين, فأوحى الله -عز وجل- أن سر إلى مجمع البحار, فأمر الله -عز وجل- دابة من دواب البحار فأخرجت وسطها, فجعلت تخرج وسطها ثلاثة أشهر, الليل مع النهار, لا تفتر ساعة, فقال سليمان عليه السلام بعد ثلاثة أشهر: يا رب ! أما آن لها أن يخرج رأسها أو ذنبها؟! فأوحى الله -عز وجل- إليه: يا سليمان لو أنها أخرجت إلى السنة المقبلة ليلها ونهارها على نحو ما رأيتها ما أخرجت رأسها ولا ذنبها من البحر! وهل تدري يا سليمان كم رزق هذه السمكة التي عليها قرار الأرضين مثل هذه السمكة؟ قال: لا, قال: إن غذاءها سبعون ألف سمكة مثل هذه, وعشاءها سبعون ألف سمكة مثل هذه, ما فارقها رزقها طرفة عين, فارجع يا سليمان فإنك لا تطيق أن ترى هذه, فكيف تطيق أن تنظر إلى السمكة التي عليها قرار الأرضين؟! فقال سليمان عليه السلام: لا سلطان إلا سلطانك, ولا مُلْك إلا ملكك.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عمرو بن عبد الله الأوْدي قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خلق الله تعالى النور فدحا الأرض عليها, فارتفع بخار الماء, ففتق منه السماوات.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا محمد بن ثواب قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني عن الوليد بن عمرو عن أبي الواصل عن أبي أيوب عن كعب -رحمه الله تعالى- في قوله -عز وجل- حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ
قال: الحجاب جبل أخضر من ياقوت, يحيط بالخلائق, فمنه خضرة السماء التي يقال لها الخضراء, وخضرة البحر من السماء, فمن ثَمَّ يقال: البحر الأخضر.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد المقدسي قال: حدثنا أيوب بن سويد عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: البحر على صخرة خضراء, فما ترون من خضرة فهو من خضرة تلك الصخرة.
قال: حدثنا إسحاق بن أحمد والحسن بن محمد قالا: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه, عن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في سرية ليس معنا زاد, فجئنا ساحل البحر, فإذا البحر قد رمى بدابة مثل الظرب, فوقفنا وتوامرنا, فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: هذا رزق رزقكموه الله -عز وجل- فكلوه, فأكلنا منه حتى نمنا, ولقد رأيت أبا عبيدة -رضي الله عنه- أمر بضلع من أضلاع تلك الدابة, فجيء, ثم أمر بجمل فرحل, ثم ركب عليه, فمر من تحت ذلك الضلع وراكبه عليه!! ولقد رأيتنا ننزع من حجاج عينه بالقلال من الودك, ثم قدمنا على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فذكرنا ذلك له, فقال: هو رزق رزقكموه الله -عز وجل- .
قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا العباس بن يزيد قال: الحوت الذي يقال له العنبر هو جيفة , ويقال لها النال, وهو يقلب السفينة, وهو مثل المدينة كلها, وباعوا من عينه دهنا بألفي درهم.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد السني قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل بن عيسى الجلاب القادسي قال: حدثنا علي بن أحمد بن الحسين عن جعفر بن عرفة -رحمه الله تعالى- قال: ركبت في البحر في موكب, فظهرت لنا سمكة بيضاء, وإذا على قفاها كما يبدو مكتوب بسواد أشد سوادا من القير: لا إله إلا الله محمد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال : ورأينا به سمكة تخرج من الماء حتى يرتفع بدنها من الماء كله, ثم تضرب بنفسها الماء تنضح على أهل المركب, فسألت الملاح: ما هذه السمكة؟ قال: هذه من فراخ سمكة يونس صلى الله على نبينا وعليه وسلم, إذا رأت الآدمي اشتاقت إليهم. ورأيت سمكة قد ظهرت من الماء فقذفت من فيها الخرز أسود, فأخذه شيخ كان في المركب, فنظر إليه, ثم ذاقه, ثم رمى به في الماء, فقلنا: ما لك رميت به؟ قال: وجدته مرا شديد المرارة, فبينا هو كذلك يكلمنا- وكان شعر رأسه أبيض- ثم اسود ! فقلنا: لو كنت تمسك هذا كان فيه غناك ! فقال: لم أدر.
باب صفة البحر والحوت وعجائب ما فيهما.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثنا عبد الصمد قال: سمعت وهبا -رحمه الله تعالى- وسئل عن الأرضين: كيف هي؟ قال: سبع أرضين ممهدة جزائر, بين كل أرضين بحر, والبحر الأخضر محيط بذلك كله, والهيكل من وراء البحر.
وبإسناده قال: إن السماوات والأرض والبحار لفي الهيكل, وإن الهيكل لفي الكرسي, وإن قدميه لعلى الكرسي, فهو يحمل الكرسي, وقد عاد على الكرسي كالنعل في قدمها. وسئل وهب -رحمه الله تعالى- ما الهيكل؟ قال: شيء من أطراف السماوات محدق بالأرضين والبحار كأطناب الفسطاط.
قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا عبد الصمد أنه سمع وهبا -رحمه الله تعالى- يقول: وذكر من عظم الخلق, فذكر الحوت الذي يحمل الأرض, والماء الذي فيه الحوت, والسماوات وما فيهن, قال: يحمل ذلك حوتان, قلنا لوهب وما هما؟ فكتب بأصبعه: كن .
قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثني محمد بن عبد الله بن الحكم قال: حدثنا أشهب عن مالك -رحمه الله تعالى- قال: زعم زيد بن أسلم -رحمه الله تعالى- أن نبيًّا من الأنبياء قال لهم: إن الأرض على حوت, فكذبه رجل, فقعد على شط بحر, فمر حوت مثل الظرب, فقال: هذا هو ؟ قال: لا. ثم مر حوت, قال: لا أدري ما قدره, قال: هو هذا؟ قال: لا. ثم مر آخر حين أضحى النهار إلى الظهر, قال: هو هذا؟ قال: لا . إن ذلك الحوت يأكل كل يوم مثل هذا سبعين ألفا.
قال: حدثني جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا العباس بن يزيد -رحمه الله تعالى- قال: أما الحوت الذي ابتلع يونس فإنه مربوع مثل رجل. قال العباس ورأيت سمكة تطير.
وفيما ذكر أبو الطيب أحمد بن روح قال: حدثني عمر بن محمد بن عبد الحكم قال: حدثنا سنيد بن داود قال: حدثنا سعيد بن كثير بن عفير قال: حدثنا الوليد بن مسلم مولى بني هاشم, عن رجل من أهل رومية قال: أتانا رجل في وجهه أثر خموش قد بقيت, فسألنا: ما هذا الذي بوجهك؟ فقال: خرجنا في مركب, فأذرتنا الريح إلى جزيرة, فلم نستطع نبرح, فأتانا قوم وجوههم وجوه الكلاب, وسائر خلقهم يشبه خلق الناس, فسبق إلينا رجل منهم, ووقف الآخرون عنا, فساقنا الرجل إلى منزله, فإذا دار واسعة وفيها قدر نحاس على أثافيها, وحولها جماجم وأذرع وسوق الناس! فأدخلنا بيتا فإذا فيه إنسان قد كان أصابه مثل ما أصابنا, فجعل يأتينا بالطعام والفواكه, فقال لي ذلك الإنسان: إنما يطعمكم هذا الطعام, فمن سمن منكم أكله! فانظر لنفسك, وكذلك فعل بأصحابي. قال: فكنت أقصر عن الأكل ! فكان كل من سمن من أصحابي ذهب به فأكله, حتى بقيت أنا وذلك الرجل, وحضر لهم عيد, فقال لي الرجل: حضر لهم عيد يخرجون إليه بأجمعهم, ويقيمون ثلاثا, فإن يك بك نجاء فانجُ, فأما أنا فقد ذهبت رجلاي, وأعلم أنهم أسرع شيء طلبا, وأشده استنشاقا لرائحة, وأعرف أثر الرجل, إلا من دخل تحت شجرة كذا, والشجرة تكثر في بلادهم.
فخرجت أسير الليل, وأكمن النهار تحت الشجرة, فلما كان اليوم الثالث إذا هم قد جاءوا كالكلاب يقصون أثري, فمروا بتلك الشجرة وأنا فيها, فانقطع عنهم الأثر, فرجعوا, فلما جاوزوا أمنت وخرجت, فبينا أنا أسير في تلك الجزيرة إذ رفع لي شجرة كبيرة, فانتهيت إليها, فإذا بها من كل شجر الفواكه, وإذا تحت ظلالها رجال كأحسن ما رأيت من صورة رجال أندية, فقعدت إلى ناد منهم, فجعلت أكلمهم فلا يفهمون كلامي, ولا أفهم كلامهم, فبينا أنا جالس معهم إذ وضع رجل منهم يده على عاتقي, فإذا هو على رقبتي, ثم لوى رجليه علي, ثم أنهضني, فجعلت أعانفه.. لأطرحه, فخمش في وجهي, وجعل يدور بي على تلك الثمار فيجتنيها ويلقيها إلى أصحابه, ويضحكون ! فلما غمي عمدت إلى عنب فقطعته, ثم أتيت به إلى نقرة في صخرة, فعصرته ثم تركته حتى إذا غلا كرعت فيه, فقال: أي شيء هو؟ فقلت: أكرع, فكرع فيه فسكر, فتحللت رجلاه, فقذفت به, وخرجت ذاهبا حتى دفعت إلى المدينة, فلما دنوت منها إذا ناس كالأشبار, أكثرهم عور, فاجتمع علي منهم جماعة يسوقوني إلى أميرهم, فأمر بي إلى الحبس, فانتهوا بي إلى حبس كقفص الدجاج, فلما أدخلوني قمت فكسرته, فأهملوني, فكنت أعيش فيهم.
ثم إذا هم يستعدون للقتال, فقلت لهم: ما هذا؟ قالوا: عدو يأتينا, فلم نلبث أن طلعت الفراش, فإذا أكثرهم عور, فأخذت عصا, فشددت عليها, فطارت وذهبت عنهم, فأكرموني وعظموني, فاشتقت إلى النساء, فقالوا: نزوجك ! وكلما زوجوني امرأة فأفضيت إليها قتلتها! فقالوا: أقمْ عندنا ولا تبال بقتلهن! فعمدت إلى جذعين فهيأتهما, وأخذت حبالا من لحاء الشجر, ثم ربطت الجذعين, وجعلت فيهما طعاما وماء, وركبت واقتنعت ببقية ثوب معي, فألقتني الريح إليكم !! فهذه الخموش مما حدثتكم.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبيد بن شريك قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثنا المفضل عن أبي صخر عن السدي رحمه الله تعالى- في قوله : -تعالى ن وَالْقَلَمِ
قال: النون: الحوت الذي عليه الأرض, والقلم قال: قلم الرحمن الذي عنده.
قال أبو الطيب أحمد بن روح قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا عبد الحميد بن صالح عن ابن المبارك -رحمه الله تعالى- أنه غزا في البحر, فقال رجل للملاح: أخبرني بأعجب شيء رأيته في هذا البحر!
قال: أتاني شيخ, فحملني أعكام أكسية إلى موضع من البحر, فحملتها له, قال: وسرت مع خير رجل, فلما انتهيت إلى الموضع الذي شارطته قال لي: اطرح مراسيك... قال: فطرحتها, فلم تدرك, فقال: تقدم قليلا آخر, فقال: لم تدرك, فقال: تقدم قليلا آخر, فتقدمت فطرحتها, فأدركت. فقال لي: اطرح هذا المتاع في هذا البحر, قال: فما زلنا نعرض عكما عكما حتى غرقناها, ثم أخذ بيدي فغاب بي في الماء, فخرج إلى مدينة شبيهة بالبصرة فأدخلني إلى دار به, وإذا المتاع منضد بعضه على بعض لم يصبه الماء, قال فدعا بغدائه فغداني, ودعا بكيس فوزن لي كرائي , ثم أخذ بيدي فردني إلى السفينة. قال: فمررت بذلك الموضع بعد حين فجعلت أضرب بالمراسي هاهنا وهاهنا فلم تدرك.
قال: حدثني عبد الله بن سلم عن علي بن داود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا يحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد عن كعب -رحمه الله تعالى- قال: خرج الخضر بن عاميل إلى بحر الهركند -وهو بحر الصين - فقال لأصحابه: دلوني في هذا البحر, فإني أحب أن أعرف ما عمقه. فدلوه أياما وليالي, ثم خرج فقال: ماذا رأيت يا خضر ؟! فلقد حفظ الله نفسك في لُجِّ هذا البحر ! قال: استقبلني ملك من الملائكة, فقال: يا أيها الآدمي الخطاء ! إلى أين؟ وأين تريد؟ قال: قلت: أريد أن أعرف ما عمق هذا البحر؟! قال :وكيف, وقد ألقي رجل منذ زمن داود عليه السلام- وذلك منذ ثلاثمائة سنة- فما بلغ ثلث قعره حتى الآن !!! قلت: فأخبرني من أين أقبلت؟ قال: من عند الحوت, بعثني الله -عز وجل- إليه أغذيه, لأن حيتان البحر شكت إليه كثرة ما يأكل منها, قلت: فأخبرني عن المد والجزر. قال: المد من نَفَس الحوت, فإذا تنفس كان المد, وإذا رَدَّ النفس كان الجزر!!!
قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا البسام النقال قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن صباح عن أشرس المازني قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن المد والجزر فقال: إن لله ملكا موكلا بقواميس البحر, أو قاموس البحر, إذا وضع رجله فيها فاض, وإذا رفعها غاض, فذلك المد والجزر.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم قال: حدثنا حمدون بن عباد قال: حدثنا علي بن عاصم قال: حدثنا عوف عن أبي المغيرة القواس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: تحت بحركم هذا بحر من نار, تحت ذلك البحر من النار بحر من ماء, وتحت ذلك البحر من الماء بحر من نار, حتى عد سبعة أبحر من نار, وسبعة أبحر من ماء.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حكيم قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن المنادي قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن سعيد بن المسيب عن علي رضي الله عنه, عن يهودي كان علي رضي الله عنه يقول: ليس في اليهود أعلم منه- قال: البحر نار الله الكبرى, تنتثر فيه الشمس والقمر والنجوم, فيبعث الله -عز وجل- الدبور فتسجره.
قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عثمان بن غياث قال: حدثنا عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما, عن كعب -رحمه الله تعالى- وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
قال: بحر يسجر فيصير جهنم.
قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا شعبة عن سماك عن عكرمة وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ
قال: البحر.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عبيد الله بن مسلم قال: حدثنا أشرس أبو شيبان عن أبي مالك العقيلي قال: كنت مع أبي الجوزاء فكان إمام قومه, فقال: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن هذا الخلق أحاط بهم بحر. قلت: وما بعد البحر؟ قال: هواء. قلت: وما بعد الهواء؟ قال: بحر أحاط بهذا الهواء. والبحر الداخل على سبعة أبحر والثامن. قال: قلت : وما بعد الثامن؟ قال: ثم انتهى الأمر.
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده: قال: حدثنا غوث بن جابر قال سمعت أبا الهذيل عمران بن عبد الرحمن يقول: سمعت وهب بن منبه -رحمه الله تعالى- يقول: إنها سبعة أبحر وسبع أرضين, والأرض التي نحن عليها الوسطى, والبحر حولها, وأرض أخرى حول البحر ويخرجون إلى تلك الأرض كذلك, حتى تتم سبع أرضين وسبعة أبحر, والأرض كلها على ظهر الحوت, واسم الحوت: بهموت.
قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا عباس قال: أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعي قال: حدثني حسان بن عطية قال: بلغني أن مسيرة الأرض خمسمائة سنة, بحورها منها مسيرة ثلاثمائة سنة, أو مائتي سنة, والخراب منها مسيرة مائة سنة أو مائتين, والعمران مسيرة مائة سنة.
قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سابور قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله العمري عن سهيل عن أبيه, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كَلَّمَ الله -عز وجل- البحر الشامي, فقال: يا بحر ألم أخلقك فأحسنت خلقك, وأكثرت فيك من الماء؟! قال: بلى يا رب ! قال: كيف تصنع إذا حملت عليك عبادا لي يسبحوني ويحمدوني ويهللوني ويكبروني؟ قال: أغرقهم !! قال: فإني جاعل بأسك في نواحيك, وجاعلهم على يدي. قال: ثم كلم البحر الهندي فقال: يا بحر ! ألم أخلقك وأحسنت خلقك وأكثرت فيك من الماء؟ قال: بلى يا رب, قال: فكيف تصنع إذا حملت عليك عبادا لي يسبحوني ويحمدوني ويهللوني ويكبروني؟! قال: أسبحك معهم, وأحمدك معهم, وأُهَلِّلُكَ معهم, وأكبرك معهم, وأحملهم بين ظهري وبطني, قال: فآتاه الله -عز وجل- الحلي والصيد والطيب .
قال: حدثنا محمد بن هارون قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد -رحمه الله تعالى- قال: بينا رجل مع قوم هم في مركب في البحر, إذ انكسر بهم مركبهم, فتعلق بخشبة فطرحته إلى جزيرة من الجزائر, فخرج يمشي فإذا هو بقدم مثل قدم رجل فيها ذراع, وإذا برجل جالس في مسجد, ففزعتُ منه واستبقتُ بالسلام. فرد علي, فلما رد علي السلامَ سكنتُ.
فقال: ممن الرجل؟ قلت: من أهل الإسلام. قال: من أي الأمم؟ قلت: من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-. قال: صلى الله على محمد قال: أنت من الذين يرمقون الشمس فإذا غربت قاموا فصلوا لله تعالى؟ قلت: نعم. قال: طوبى لكم ! ليتني كنت منكم ! ثم قال: أنت من الذين يرمقون الشمس قبل أن تطلع فبادروها فصلوا لله -عز وجل-؟ قلت: نعم . قال: طوبى لكم ! ليتني كنت منكم. قلت: مَنْ أنت يرحمك الله؟ قال: أنا من بقية قوم موسى عليه السلام, الذين قال الله -عز وجل- وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ
كنت أنا وأخ لي نتعبد لله -عز وجل- في هذه الجزيرة, فدفنته أول من أمس رحمة الله عليه. هل لك يا أخي أن تتفرغ لله في بقية نفسك وعمرك؟ قلت: نعم. قال: فأقمت معه, فإذا أنا بدار فإذا برجل في رجليه سلسلة منوط فيها, بينه وبين الماء شبر. فقال: اسقني رحمك الله, فأخذت ملء كفي فرفعته, فرفع بالسلسلة فذهب الماء, فلما ذهب الماء حط الرجل, ففعلت ذلك ثلاثا أو أربعا. فلما رأيت ذلك منه قلت: ما لك ويحك !! قال: هو ابن آدم الذي قتل أخاه ! والله ما قُتِلَتْ نفسٌ ظلما مذ قَتَلْتُ أخي إلا يعذبني الله بها! لأني أنا أول من سن القتل.
قال: فجئت صاحبي, فذكرت ذلك له. فقال: صدقت, فقال: فمكثت معه ساعة تعرض لي, وجالت العينان. فقال: ما لك ؟! ذكرت أهلك وولدك؟ قلت: نعم. قال: أتحب أن نبلغك إياهم؟ قلت: وددت ! فقال: نعم, إن شاء الله تعالى, قال: فجعلت السحاب تمر به فيناديها فتجيئه, فيقول: أين أمرتِ ؟ فتقول: مكان كذا وكذا! حتى مرت سحابة, فقال: يا سحابة ! أين أمرتِ ؟ قالت: بالبصرة - وكان الرجل من أهل البصرة - فقال: خذي هذا حتى تبلغيه أهله. قال: فالتفَّت بي, فما دريت بشيء حتى وضعتني في سطح أهلي بالبصرة .