لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
70194 مشاهدة
توسع بعض العلماء في سرد الإسرائيليات

...............................................................................


ثم إن العلماء رحمهم الله توسعوا في هذه القصص، ولكن قد يكون بعض التوسع غير ثابت ولا صحيح؛ لأن كثيرا من تلك القصص التي توجد في كتب التفاسير معتمدها كتب غير موثوقة تسمى الإسرائيليات أي التي نقلت عن بني إسرائيل عن كتبهم، وقد عرف بأن كتبهم دخلها التحريف والتغيير، وأنهم كتبوا ما ليس بصحيح كما قال الله تعالى: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ يعني يتكلمون ويدعون أن كلامهم هذا من عند الله، وأنه من كلام الله الذي أوحاه إلى الرسل مع أنهم كاذبون، وقال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فأخبر بأن هناك منهم من يكتب كتابا وينسبه إلى الله، وهناك من يتكلم كلاما وينسبه إلى الله، والكل كاذبون؛ ولأجل ذلك لا يقبل من كلامهم إلا ما قامت عليه الأدلة، أو كان عن الصادقين المعروفين بالصدق المتورعين الذين لا يكتبون ولا يقولون إلا شيئا حقا.
من ذلك توسع كثير منهم في بعض القصص التي نزلت مجملة في القرآن مثل قصة طالوت وجالوت التي أجملت في القرآن، فإن كثيرا من كتب التفاسير ملئت بكثير من النقول التي لا صحة لها، وإنما هي توسع في هذه القصة التي أجملها الله، ومثل قصة هاروت وماروت التي ذكرت في القرآن مجملة ؛ فتوسع كثيرون، وذكروا فيها حوادث ووقائع، والأصل أنه لا صحة لتلك الوقائع، فتقبل الآية على ما هي عليه دون رجوع أو تصديق لتلك النقول التي هي مبنية على أصول غير معتمدة.
وكذلك كثير من القصص كقصة آدم وإخراجه من الجنة، وأنه دخل إليه إبليس في صورة أو في جرم حية، وأنه وسوس إلى آدم وحواء إلى آخر ذلك؛ فلا نصدق بما لا دليل عليه.