إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
98229 مشاهدة print word pdf
line-top
الرد على من يطعنون في بعض قصص القرآن وأخباره

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يجب على المسلم أن يصدق ما جاء عن ربه سبحانه وتعالى، وما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقبل كل ذلك، ولا يرد شيئا مما جاء في القرآن أو جاء في السنة الصحيحة؛ بحجة أنه لا يوافق ما في العقول أو أنه مخالف لما في الفطر، أو يطعن فيه بكذا وكذا أو ما أشبه ذلك.
يوجد كثير في هذه الأزمنة يطعنون في بعض القصص في القرآن؛ فبعضهم يكذب بقصة سليمان التي قصها الله تعالى مع ملكة سبأ، ويقول: كيف يكون الهدهد أعلم من سليمان وكيف يقول: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وسليمان قد أوتي هذا الملك وسخرت له الريح، بحيث أنه يغدو غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ولا يعلم حال أهل اليمن الذين هم بقربه.
هكذا سمعنا أن بعضهم طعن في هذه القصة، وظن أنها مصورة ليست صحيحة، ولا شك أن هذا طعن في القرآن، الذي هو كلام الله، فالله تعالى قد أخبر عن هذه القصة خبرا واقعيا خبرا صحيحا إلى أن أخبر بمجيء تلك المرأة وجنودها وإسلامها، فلا يجوز لأحد أن يطعن فيما أخبر الله تعالى به، ولو كانت تلك الشبه في زعمهم أنها عقلية.
كذلك أيضا سمعنا من يطعن في قصة يوسف ويقولون: كيف يكون يوسف نبيا ويأتيه الوحي، وعلمه الله من تأويل الأحاديث، ثم مع ذلك يرد إخوته مرتين ويعلم أن أباه موجود، ولا يطلب وجوده ولا يطلب إحضاره على ما هو عليه، ولا يرفق بإخوته وما إلى ذلك، وهذا لا شك أنه طعن في القرآن.
فهذه القصص لا شك أنها واقعية، لا مانع من أن يكون الله تعالى حجب عن سليمان خبر هؤلاء الذين في اليمن والذين تملكهم امرأة والذين يسجدون للشمس، ولم يطلع عليهم، أو سمع عنهم ولكن لم يعلم صحة الخبر عنهم حتى أخبره بذلك هذا الطائر الذي هو الهدهد، الذي غاب عن نظره ولما تفقده سأل عنه مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ لا مانع من أن يكون هذا الهدهد أحاط بذلك، وطار بسرعة ووصل إلى تلك البلاد، ووجد خبرهم وأخبر سليمان بذلك وسليمان قد يكون منشغلا بغيرهم.
كذلك أيضا نقول: إن يوسف -عليه السلام- لا بد أنه أراد أن يذل، أو ينكل إخوته الذين كادوا له ذلك الكيد، ونزغ الشيطان بينه وبينهم؛ حيث قال في آخر القصة: مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي يعني أنهم لما لم يعرفوه ولم يقدروا أنه هو يوسف الذي هو أخوهم، أراد أن يردهم مرتين حتى يعرفوا أنه قد منَّ الله تعالى عليه ورفعه، وقد ظنوا أنه قد مات لما ألقي في الجب، أو ظنوا أنه بيع واستذل وأهين وبقي مملوكا، لم يقدروا أنه يصل إلى هذه الرتبة؛ فلأجل ذلك لم يخبرهم أنه أخوهم في المرة الأولى وطلب إحضارهم لأخيه، ولما أحضروه ردهم أيضا مرة ثانية، واستبقى أخاه مع أنه صرح له وقال: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
كذلك كثير من هؤلاء المتأخرين يطعنون في قصة ذي القرنين ويقولون: إنها قصة خيالية، وإن الشمس ليس لها مغيب وليس لها مطلع، إذا طلعت على قوم غابت عن آخرين، وإذا غابت عنا طلعت على غيرنا، فهي دائما موجودة، فكيف مع ذلك يقول: بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ينكرون ذلك فيطعنون في هذه القصة.
ولا شك أن هذا طعن في كلام الله الذي جعله تبيانا لكل شيء. قد ذكرنا أن للشمس مطلعا ولها مغيب؛ بمعنى أنه وصل إلى تلك العين ورأى الشمس تغيب فيها، وإن كانت تغيب عن أهلها، ولكنها تطلع على غيرهم تكون موجودة، فالله أخبر بأنها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ فعلى هذا لا يجوز التكذيب بشيء أخبر الله به، وكذلك أخبر بأنها تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا لا بد أنها تطلع، وإن كانت إذا طلعت عليهم غربت عن غيرهم، أو أنها تطلع في هذا المكان الذي لا يرى وراءه مكان؛ إما لجبال تحول دون ما وراءه، أو نحو ذلك، فالله تعالى لا بد أنه جعل لها مكانا تطلع منه وتغرب منه.
وقد أخبر الله تعالى بأن هناك مشرقا ومغربا، في قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا وفي قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ .
فالمشرق شروق الشمس من الجهة الشرقية كما نشاهده، ولو كانت تطلع على آخرين من ذلك المكان إذا طلعت وإذا هي في نصف مسافتها على قوم وتغرب عن آخرين.
وكذلك المغرب في جهتنا في جهة الغرب تغرب عنا ولكن تكون موجودة عند آخرهم، فهناك مشرق ومغرب، وكذلك أيضا أخبر بالمشرقين رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف، مشرق الصيف يكون في جهة الشمال، ومشرق الشتاء تكون الشمس في جهة الجنوب، وكذلك المغرب تغرب في الشتاء في جهة الجنوب، وفي الصيف في جهة الشمال، فيكون هناك نهاية مشرق ونهاية مشرق، شمالا وجنوبا وكذا يقال في المغرب، وكذلك أيضا جمعهما، فقال تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ يعني أنها في كل برج من البروج يكون لها مشرق ولها مغرب، فجمعهما يعني المشرق الجنوبي والذي دونه والذي دونه إلى أن تشرق في المشرق الشمالي نصدق بذلك كله، ونقول إن الله تعالى أخبر بذلك.
هناك أيضا من ينكر حركة الشمس، ويدعي أن الشمس ثابتة وأن الأرض هي التي تستدير حولها، ويقول: ليس للشمس مشرق ولا مغرب في الحقيقة، وإنما هذه حركة للأرض، ويدعون أن دوران الشمس إنما هو حول نفسها، ويشبهون دورانها بدوران الرحى، أو بدوران المروحة السقفية الكهربائية، هكذا يدعون، وأنكروا ما ذكره الله تعالى من جريان الشمس ومسيرها، ومن جريان القمر فالله تعالى قال: وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى فالشمس تجري والقمر يجري والجريان هو السير، وأخبر بأن الفلك تجري في قوله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ الفلك التي هي السفن تجري؛ يعني تمشي في البحر تسيرها الرياح في قول الله تعالى: إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ يعني إذا شاء الله وسكنت الريح بقيت السفينة راكدة على البحر، فإذا تحركت الريح اندفعت هذه السفينة وسارت حيث يشاء من يسيرها، فإذا كان جريان الفلك هو سيرها في البحر وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ .
فكذلك جريان الشمس وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا .
فلا يجوز أن يطعن في قصة ذي القرنين بأن القصة خيالية، وأن الشمس ليس لها مشرق، وليس لها مغرب بل هي ثابتة مستقرة، لا تزول عن مكانها؛ فإن في هذا تكذيب لما أخبر الله تعالى.
قد أخبر الله بأن الأرض مستقرة، فقال تعالى: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا قرارا؛ يعني ثابتة مستقرة، لا تتحرك وأخبر بأنه في يوم القيامة يبدلها في قوله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وأخبر بأنها تمد يوم القيامة وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ يعني أخرجت ما فيها كما في قوله: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا أي ما فيها من الموتى ونحوهم، وأخبر بأنها تسوى في قوله: فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا .
فكل هذا دليل على أن هذه الأرض تمد يوم القيامة، وأنه يجمع الخلق عليها أولهم وآخرهم مهما كثروا، وأن البحار تزال ويسوى مكانها فتبقى الأرض كلها مستوية لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا .
ولما كان من يسمون أهل الهيئة الجديدة خيل إليهم أن الشمس مثل الأرض -كما يقولون- أربعة آلاف مرة أو نحو ذلك، فإنهم يقولون: إذا كانت الشمس بهذا الجرم الكبير فكيف تتحرك وهي بعيدة -بعيدة عن الأرض- قد يكون بينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة سنة؛ أي بينها وبين الأرض، فكيف مع ذلك تقطع هذه المسافة في أربع وعشرين ساعة ثم تطلع؟!
هذا مما يستنكرونه، والجواب: أنها تجري كما يشاء الله فالله تعالى قادر على أن يجريها في لحظات، وقد أسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في نحو ساعة أو أقل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماء، ودخل في السماء الدنيا ثم التي تليها إلى السماء السابعة، والمسافة بينهما نحو -كما قيل- سبعة آلاف سنة، ومع ذلك قطعت في ليلة واحدة أو بعض ليلة.
ولما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه أسري به وعرج به كذبه المشركون، وقالوا: نحن نسافر مسيرة شهر حتى نصل إلى بيت المقدس ثم نرجع مسيرة شهر وأنت قطعت هذه المسافة في ليلة واحدة هذا هو البهتان، هذا هو الكذب. أخبروا بذلك أبا بكر الصديق فقال: صدق، إني أصدقه في أعجب من ذلك في خبر السماء؛ أي كون الملك ينزل عليه من السماء في لحظات حتى ينزل عليه بالوحي ثم يعرج.
وإذا كان كذلك فكيف يستغرب أن الله تعالى يقطع به هذه المسافة يسري به إلى بيت المقدس ثم يعرج به إلى السماوات في هذه الليلة، فعلى هذا لا يستغرب أن الشمس تجري بهذه السرعة وأنها تقطع هذه المسافة ولو كانت ما كانت، في هذه الساعات في كل أربع وعشرين ساعة تدور دورة على هذه الأرض.
وكذلك أيضا القمر يشاهد أن القمر في أول الشهر يكون ملاصقا للشمس، أي مقاربا لها في أول ليلة بحيث أنها لا تسطع إلا في حافته التي تليه. فإذا في الليلة الثانية يبتعد عنها قليلا منزلة فيزداد سطوعها فيه، وهكذا كلما ابتعد عنها سطعت فيه إلى أن يكون هو في المشرق وهي في المغرب، فعند ذلك تقابله؛ لأنه كالمرآة فإذا قابلته سطعت فيه وكمل ضوءه، كمل نوره، فهذا بلا شك دليل على أنه يجري وأنه يمشي.
فإذا كان في أول الشهر يكون إلى جانبها، ثم يتأخر عنها منزلة بعد منزلة، دلنا ذلك على أنهما ليسا راكدين؛ ليست الشمس راكدة وليس القمر راكدا، بل إنهما يجريان، ولذلك ذكر الله جريانهما في قوله تعالى: وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي وفي قوله: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وفي قوله تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ أي كل منهم يسير؛ الليل سائر والنهار سائر والشمس والقمر كل منهما جارية وكل منهما يجري إلى ما شاء الله، لا شك أن هذا دليل على أنها تجري.
وإذا كان كذلك فلا يجوز الإنكار على ما قصه الله من قصة ذي القرنين والقول بأنه ليس هناك مشرق ولا مغرب أو أن الشمس ثابتة فكيف يكون لها مشرق ولها مغرب.
يذكر العلماء أن هذه المقالة وهي ركود الشمس قال بها بعض من النصارى القدامى، ذكروا أن الشمس ثابتة قديما يمكن قبل الميلاد، ثم بعد ذلك جاء الفلاسفة المتأخرون، فأنكروا هذا القول ورأوا الآيات والدلالات التي تدل على أن الشمس تطلع وتغرب، وأن الأرض ثابتة مستقرة، وما زال كذلك إلى أن جاء هؤلاء وجددوا هذه المقالة؛ يعني إلى عهد قريب جدد هؤلاء مقالة أهل الهيئة، وسموا أهل الهيئة الجديدة؛ الذين أنكروا طلوع الشمس وغروبها، وأنكروا ثبوت الأرض واستقرارها وجددوا مقالة قديمة.
وتذكرون أنه تكلم الشيخ ابن باز -رحمه الله- نشر مقالة عن جريان الشمس، ولما نشرت في إحدى الصحف وقال فيها: إنه من أنكر أن الشمس تجري فقد رد على الله تعالى ما ذكره في هذه الآيات فيعتبر مكذبا لله تعالى، نشرت هذه المقالة فضج كثير من الدول الذين على هذا المعتقد الذي تلقوه عن تلاميذ أهل الهيئة الجديدة، ضجوا وقالوا ابن باز يكفرنا ويكفر كذا وكذا.
ثم إنه -رحمه الله- ألف رسالة توسع فيها، وبين أن الشمس جارية سائرة وضرب لذلك أمثلة وطبعت رسالته رسالة مستقلة، ثم إن هناك عراقي يقال له الصواف رد عليه؛ رد على مقالته ورد على رسالته وطبع رد الصواف في رسالة سماها المسلمون وعلم الفلك ومع الأسف كثر الذين تلقوها.
ولما طبعت عرف أهل العلم أنه لا بد من الرد عليها وتأييد ما قاله الشيخ ابن باز - رحمه الله- فرد عليه شيخ في الطائف وهو الشيخ سليمان بن حمدان -رحمه الله- ورده مطبوع، ثم رد عليه أيضا الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- ورده أيضا مطبوع طبع على قطعتين؛ الأول رد على مقالته التي في الصحيفة اسمه الصواعق الشديدة على أهل الهيئة الجديدة ثم لما طبع كتاب الصواف رد عليه بكتاب ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق وبيَّن فيها تهافت أولئك الذين يدعون أن الشمس ثابتة وأن الأرض حولها تدور.
وكذلك أيضا هناك رسالة لعالم يقال له محمد بن يحيى تسمى رسالة النور أو كتاب النور في الرد على من قال إن الشمس ثابتة والأرض حولها تدور، وذكروا الأدلة الواضحة التي تبين أن للشمس مشرق ومغرب، واعتمدوا على ما في القرآن من ذكر ذلك فالله تعالى قال: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ دل على أن للشمس مطلعا ومغربا وأنها تطلع وتغرب فيما شاءه الله تعالى.
ولما طبعت هذه الكتب استاء الصواف لأن في هذا تكذيبا له، وذكر أنكم إذا أنكرتم دوران الأرض خطأكم جميع الدول وضللوكم؛ لأنهم يعتقدون أن الشمس هي التي تدور، فيقول: لا عبرة بتكذيبهم نحن نعترف بأن الأرض ثابتة مستقرة كما أخبر الله تعالى، ولا نعتبر بما يقوله هؤلاء الذين يقولون بظنهم، والذين يصدقون أولئك، ولا عبرة بمن أيدهم ممن اعتمد على تلك الأقوال التي يقدرونها، ولو قالوا مثلا: إننا شاهدنا دورانها وأننا صورنا ذلك في الرائي الذي هو التلفاز، وفي التصاوير وما أشبهها، وفي السينما، نقول: إن هذا كله ليس بصحيح هذا الذي عليه مشائخنا.
يراجع كتاب الشيخ ابن باز -رحمه الله- وكذلك كتاب التويجري وابن حمدان وابن يحيى حيث لم يستطع الصواف وأمثاله أن يردوا تلك الأدلة لأنها أدلة صحيحة نقلية.
كذلك أيضا هناك من أنكر وجود يأجوج ومأجوج، وقد ذكرهم الله في آيتين في هذه السورة في سورة الكهف وفي سورة الأنبياء، وأيضا ذكرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو قال من قال: إننا بحثنا وإننا نظرنا، وإن الأرض قد قربت وإن البلاد قد تقاربت، ولا أحد يعرف أين هؤلاء نقول: إنكم لا تحيطون بعلم الله، الله تعالى يقول: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا فلا بد أن يكونوا موجودين حيث شاء الله تعالى.
كذلك أيضا أنكر بعضهم سد يأجوج ومأجوج الذي عمله ذو القرنين فقالوا: إن الطائرات ونحوها دارت على الأرض، وإن المكالمات اتصلت بجميع أطراف الأرض ولا يعرف هذا السد فأين هو؟ نقول: إن هذا تكذيب لخبر الله تعالى، فالله أخبر عنه وأخبر بقوله: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا فهذه القصص التي قصها الله لا يكون المؤمن مؤمنا حقا إلا إذا صدقها، واعتبر بها.
والآن نواصل القراءة.

line-bottom