اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
66010 مشاهدة
تفكر الإنسان في نفسه وأثر ذلك في عبوديته

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كثيرا ما يحث الله تعالى عباده على النظر في مخلوقاته للعظة والاعتبار؛ وذلك لأن في النظر إليها بتعقل وبتأمل ما يقوي العقيدة ويرسخ الإيمان في القلب، ثم من آثار ذلك يحدث أو تقوى الأعمال وتتمكن.
فإذا نظر الإنسان في آيات الله تعالى اعتبر واتعظ وازداد إيمانه وزادت أعماله. فَمِنْ ذلك التدبر للقرآن، يقول الله تعالى: لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ التدبر: التعقل والتفهم لمدلول القرآن، حتى يستدل بذلك على أنه كلام الله، وعلى أنه منزل غير مخلوق، وعلى أننا مكلفون بما أمرنا الله به في هذا القرآن.
وكذلك التدبر والتعقل في سيرة النبي-صلى الله عليه وسلم- فإن الله تعالى جبله على الأخلاق الفاضلة، قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فجعله على هذا الْخُلُق، جبله على أفضل الأخلاق، ليكون ذلك سببا في الاقتداء به في تلك الأخلاق، وفي تلك الأعمال، ليكون الذي يقتدي به حقا من أتباعه، وممن يطيعه ويتأسى به.
وكذلك أيضا: التأمل والتفكر في سنته التي هي شريعته التي بَلَّغَهَا، والتي أمره الله بأن يبلغها إلى أمته. فالتأمل والتفكر فيها يزيد الإنسان إيمانا، ويقوي معتقده، ويرسخ الدين في قلبه، حيث إن تلك الأحاديث التي تلفظ بها تدل على غزارة علم، وعلى قوة بيان، وعلى رساخة في الفهم. وذلك لأن الله تعالى أعطاه جوامع الكلم وفواتحه . فإذا تفكر المسلم في ألفاظه وجد فيها الدلالة على ما يُثَبِّتُ الإيمان، والدلالة على ما أعطاه الله تعالى من الفصاحة والبيان.
ويتبع ذلك أيضا ما أمر الله تعالى به من التأمل والتفكر في مخلوقات الله العلوية والسفلية، وإن من أقربها أن يتفكر العبد في نفسه: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ يتفكر في نفسه: في كيفية خلقه، وفي تركيب أعضائه، فإن في ذلك آية عظيمة، وعبرة لمن اعتبر. ولأجل ذلك فإن العلماء رحمهم الله توسعوا في الكلام على عجائب المخلوقات، ومن جملتها خلق الإنسان. أقرب شيء إلى الإنسان نفسه، إذا تأمل وتفكر فيها عرف قدرة الذي خلقه، فإذا تأمل في أول أمره، أن أول أمره كان نطفة من مَنِيٍّ يُمْنَى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى هكذا أخبر الله: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ؟!
ذكروا أن أحد المتكبرين وقف عند واعظ يعظ، فقال لذلك الواعظ: ألا تعرفني؟! ألا تحترمني ؟! ألا تدري من أنا ؟! فقال ذلك الواعظ: بل أدري ، أنت الذي أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وحشوك بين ذلك بول وعذرة !! يعني: فكيف مع ذلك تتكبر ؟! أول الإنسان وأول مبدئه ما ذكر الله أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى هذه النطفة التي تخرج من الصلب ماء مهين، لا شك أن تكوينها حتى يكون منها هذا الإنسان أنه من عجائب قدرة الله.
ولذلك دائما يُذَكِّرُ الله الإنسان مبدأ أمره، فيقول تعالى أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ أي: لستم تخلقون أولادكم، بل الله تعالى هو الخلاق العليم، أأنتم تخلقون هذا المني أم نحن الخالقون نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أخبر الله تعالى بأنه الذي قدَّرَ خلق الإنسان. فأوله هذه النطفة التي تخرج من الصلب، وجعل الله تعالى فيها هذه الحيوانات المنوية تستقر في الصلب، أي: في الرحم، وبعد ذلك يطورها الله تعالى ويقلبها من حال إلى حال، فيقول الله تعالى في مبدأ خلقه: إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ يعني: أباكم آدم ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ أي الْخَلْق الذين هم نسله: ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ هذا تطوير الإنسان: تطوير مبدأ أمره، ويقول في آية أخرى: ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ هذه النطفة تستقر في قرار مكين ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثم يقول الله تعالي وغير مخلقة: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا يخرجه الله تعالى طفلا صغيرا في غاية الصغر، يخرجه الله إلى هذه الدنيا ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ من يموت صغيرا، من يموت متوسطا، ومن يبلغ سن الهرم، حتى يبلغ أرذل العمر، بحيث لا يعلم شيئا. هذا مبدأ خلق الإنسان، وهذا منتهى خلقه.