لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
52262 مشاهدة
رد ابن تيمية العهدة إلى من نقل عنهم في آيات الصفات

...............................................................................


ثم يقول الشيخ هاهنا:
وأرد عـهـدتها إلــى نـقالـها
وأصـونها عـن كـل مـا يتـأول
لما قال:
وأقـول قـال اللـه جـل جـلاله
والمصطـفى الهـادي ولا أتخيـل
يعني: لا أتخيل ولا أُكَيِّف؛ بل أقول: إنها صفات تليق بالله تعالى.
وأرد عـهـدتها إلــى نـقالـها
................................
إذا كان فيها شيء من الخطأ، فإننا نرد عهدتها؛ نقول: المسئولية على من قبلنا. الذين نقلوها أئمة هداة معروف فضلهم، فلا نقول: إنهم أخطأوا في ذلك ولا أنهم نقلوا غير صواب، فإذا كانت خطأ، فاطعنوا في رواتها إن كنتم صادقين، ولن تجدوا إلى ذلك سبيلا؛ وذلك لأن الذين نقلوها هم الذين نقلوا لنا الأحكام، هم الذين نقلوا القرآن، وهم الذين نقلوا السنة والعبادات والصلوات والصدقات، وما أشبهها؛ ولذلك يقول المباركفوري .
قالـوا: الـنـزول فقـلت: ناقله لنا
قـوم همـو نقلـوا شريعة أحمـد
قالـوا: فكيـف نـزوله فأجبتهـم
لـم يُنقـل التكييف لي في مسنـد
قالوا: فتزعم أنْ على العرش استوى
قلت: الصـواب كذاك أخبر سيـدي
قالوا: فما معنى استوائـه قـل لنا؟
فـأجبتهم هـذا سـؤال المعتـدي
قالوا: فمـا القـرآن قلت: كلامـه
لا ريـب فيـه عنـد كـل موحـد
فأخبر بأن الذين نقلوه هم الذين نقلوا شريعة أحمد فكيف نقبل نقلهم في هذا ونرد نقلهم في هذا.
وشيخ الإسلام يقول:
وأرد عـهـدتها إلــى نـقالـها
................................
يعني: هذه النصوص أقول: إن كان فيها شيء من الخطأ، فلا تطعنوا فينا اطعنوا على من قبلنا. فاطعنوا في البخاري ومسلم الذين نقلوها، والذين كتبوها. اطعنوا في شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد والأوزاعي والليث بن سعد ومالك بن أنس والزهري وسعيد بن المسيب الذين نقلوها، هل تستطيعون أن تجدوا فيهم مطعنا، وقد زكتهم الأمة، وقد قبلت نقلهم، لا تجدون إلى ذلك مطعنا.
وأرد عـهـدتها إلــى نـقالـها
وأصـونها عـن كـل مـا يتـأول
يعني: أصونها عن تأويلات المتأولين، وتخيلاتهم، وأقول: إنها حق، ولا أتخيلها، ولا أُكَيِّفها.
دخل رجل من هؤلاء على الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- فقال: يا أبا عبد الله الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى؟ فأطرق مالك -رحمه الله- رأسه حتى علاه الرحضاء العرق، ثم رفع رأسه، فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك إلا مبتدعا قم عني، فأمر به أن يخرج. أخبر-رضي الله عنه- أن الاستواء معلوم؛ يعني أنه لفظة عربية فصيحة عرفها المسلمون، وفهموها، وعرفها العرب بلغتهم، فهو معلوم يفسر، ويشرح، ويترجم من لغة إلى لغة، ولكن له كيفية، وتلك الكيفية هي المجهولة التي نتوقف فيها فلا نقول: إن كيفية استوائه كذا وكذا؛ بل الكيف مجهول، والإيمان به واجب يعني لأنه خبر عن الله تعالى وقع خبرا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فنرد عـهـدتها إلـى نـقالـها
ونصـونها عـن كـل مـا يتـأول
يعني: نصونها عن تأويلات المتأولين، وتحريفات المحرفين، ونقول: إنها على ما جاءت نمرها كما جاءت.
وأمـر آيـات الصفـات كما أتت
وأصـونها عـن كـل مـا يتخيـل
فهذا معتقد أهل السنة في أسماء الله تعالى، وفي صفاته، وفي آيات الصفات وأحاديثها.
وتجدون شيخ الإسلام في أول رسالته التي هي الواسطية قد ذكر في أولها ثلاث ورقات كلها في آيات الصفات، ثم ذكر ورقتين أو ورقة ونصفا في أحاديث الصفات التي يُمرها أهل السنة كما جاءت.
نقف عند هذا. ونواصل إن شاء الله بعد العصر، والله أعلم.
أسئــلة
س: هذا سائل يسأل ويقول: هل صح أن الإمام أبا حنيفة -رحمه الله- كان يقول بخلق القرآن؟
ما صح ذلك؛ بل هو كغيره من أهل السنة الذين ما تعرضوا لذلك.
س: وهذا يسأل يقول: ما هو الفرق بين التأويل والتفسير لكلام الله عز وجل؟
حسب الاصطلاحات، فاصطلاح ابن جرير أن التأويل والتفسير بمعنى واحد، فيقول: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، ويقول: أقول في تأويل قوله تعالى يعني: في التفسير؛ ولكن التأويل في اللغة معناه ما يئول إليه الشيء، ومنه تأويل الرؤيا في قول يوسف: هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ يعني: تعبير الرؤيا يسمى تأويلا، وذلك لأنه إخبار عما تئول إليه، وأما اصطلاح المعتزلة، والأشاعرة، فإن التأويل هو التحريف الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره.
س: وهذا يسأل يقول: ما حكم اقتناء كتاب تفسير الزمخشري ؟
يجوز اقتناؤه لمن عنده معرفة بالعقيدة. تأويلاته وتحليلاته في هذا التفسير خفية لا يتفطن لها إلا من عرف تأويلاته. طُبع معه رد عليه يُسمى الانتصاف من الكشاف، ولكن ذلك الرد من أشعري ما رد عليه إلا فيما يتعلق بالفرق بين الأشاعرة، والمعتزلة. آيات الصفات ما ردها، ما رد تأويل الاستواء، ولا تأويل المجيء، ولا تأويل الإتيان، ولا تأويل اليد، والوجه وما أشبه ذلك.
س: وهذا سائل يسأل يقول: كثرت هذه الأيام مقولة: إنه لا كفر بفعل أو ترك إلا إذا استحل ذلك الأمر، ويقولون: إن من ترك الصلاة تهاونا أو كسلا، ولو كان تركا بالكلية بأنه لا يكفر؛ ما دام لم يستحل ذلك الفعل؟
الاستحلال شيء خفي، وهو ما يكون بالقلب، فهذا إذا رأيناه يفعل هذه الأشياء حكمنا بأنه مستحل ولو أنكر بلسانه، فإن قلبه يقوي ما نقوله، فنعامله معاملة المستحل، ولا نصدقه بقوله، لإنهم يقولون بأفواههم ما ليس ما في قلوبهم؛ فعلى هذا إذا قال: أنا لا أصلي، ولا أفعل الصلاة أبدًا؛، ولكني لا أستحل ترك الصلاة، أو-مثلا- أنا أقتل المسلمين لكن لا أستحل ذلك، أقتل المسلم ظلما وبغير حق، وأقول: إن قتلهم حرام، ولكني أتجرأ وأقتلهم، ولو قال:-مثلا- أنا أسلب أموال الناس، وأغصبهم، وآخذها قهرا عليهم ولا أستحل ذلك أقول: إنها حرام، ولكن أتجرأ، وآخذها منهم، ولا أستحلها، فهل نصدقه؟ إنسان يعمد على مسلم ويقتله، ويقول: ما أستحل القتل، نقول: كذبت، إنك مستحل له ما تجرأت، وقتلت المسلم إلا وأنت مستحل، إنسان يتجرأ، ويغصب الأموال يغصب صاحب المال ماله ويأخذها قهرا عليه، ويقول: إني لا أستحله نقول: كذبت إنك مستحل له، إنسان مُصِرّ على ترك الصلاة، ويُدْعَى إلى الصلاة، ويقال: له صل وإلا ضربناك وحبسناك، فيقول: لا أصلي، وأنا لا أستحل ترك الصلاة، ولكني لا أصلي، نقول: كذبت، إنك مستحل، فالفعل يدل على ما في القلب.
س: وهذا سائل يقول: إني أحبكم في الله، وسؤالي ما رأيكم فيمن يقول الكلام صفة فعلية فقط؛ لأن الله تعالى يتكلم متى شاء كيف شاء بخلاف السمع فهو صفة ذاتية؛ لعدم انفكاكها عن الله عز وجل أبدا؟
الصحيح أن الكلام صفة ذاتية؛ وذلك لأنه يُوصف به الله دائمًا، فيقال: الله تعالى متكلم، والإنسان أيضا يُقال: هذا الإنسان ناطق، ولو كان في تلك الساعة صامتا؛ وذلك لأنه يوصف بالنطق بالذات. يعني أنه قادر على النطق، فكما يُقال: هذا ناطق، وهذا أخرس، أو -مثلا- هذا إنسان ناطق، وهذا حيوان بهيم؛ فيوصف الإنسان بأنه ناطق، وإن كان في بعض الأحيان لا يتكلم، فالله تعالى من صفاته الذاتية أنه متكلم ويتكلم إذا شاء.
س: وهذا سائل يقول: هل يجوز أن أستحلف رافضي بعلي أو بالحسين لاستخراج حقي من عنده؟
لا يجوز ذلك. إذا كان لك عليه بينة، وإلا فليس لك إلا يمينه، ولا يجوز الاستحلاف بغير الله، ولو كانوا يعظمون عليا أو الحسين يعتقدون أن من حلف به كاذبا، فإنه يعاقب؛ لكن لا نقرهم على الشرك.
س: وهذا يقول مَنْ أوَّلُ مَنْ قَسَّمَ الصفات إلى فعلية وذاتية، وما مدى صحة هذا التقسيم؟
السلف -رحمهم الله- نظروا وإذا الصفات الذاتية لا تنفك عن النصوص السمع، والبصر، والعلم، والقدرة، وكذلك أيضا الوجه، واليد، والنفس ونحو ذلك؛ فرأوا أن هذه الصفات ثابتة فسموها ذاتية، ورأوا أن الصفات التي يفعلها إذا شاء كالنزول، والمجيء، والغضب، والرضا، والرحمة، والعجب، والضحك أنها يفعلها إذا شاء فسموها فعلية.
س: هذا يسأل يقول: هل قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- داخل حدود المسجد؟
ليس داخلا في حدود المسجد الأول، كان المسجد على حد الحجرة، الحجرة بابها إلى المسجد، ولما توفي -صلى الله عليه وسلم- خاف الصحابة أنه إذا دفن بارزا يتوافد الناس إليه، ويأتون إليه لأجل دعائه؛ فقبروه في حجرته، ولما احتيج إلى توسعتها اضطروا إلى إدخال الحجرات في المسجد من باب التوسعة؛ لأنه صار يضيق بالمصلين، ثم إنهم أحاطوه بهذه الحيطان، وجعلوا عليه حرسا حتى لا يتمكن أحد من دعائه، ولا يتمكن أحد من التمسح بقبره أو نحو ذلك.
س: وهذا يقول لي خال توفي، وكان مُقيما للصلاة، ويحب الخير للناس، وتوفي وهو حاضر لصلاة الفجر، ففي بداية عمله بحث عن عمل في دولة مجاورة، وكان شرط الدولة آنذاك أن لا تقبل أي شخص ينتمي إلى قبيلته هو لظروف، ولطلب العيش غير اسم أبيه وجده وقبيلته، وعمل إلى أن توفاه الله، فما حكم ذلك يا شيخ؟
عفا الله عنه إذا لم يتبرأ من أبيه، ولم يتبرأ من أسرته، وقبيلته، فلم يقل: إني لست منكم، وأنت لست أبي، وإنما أراد بذلك أن يعيش، وأن يجد عملا يحترف فيه، ويكتسب منه فله قصده، ولا حرج عليه في ذلك والله يعفو عنه .
س: وهذا يسأل عن قول الواقف: لأولادي وأولاد أولادي، لأولاد الظهور دون أولاد البطون؟
كان الأولى أن يقول: لأولادي وأولاد أبنائي؛ لأن هناك فرقء بين الأولاد الذي يعم الذكور والإناث، والأبناء الذي يخص الذكور؛ وحيث أنه فصّل، وقال: الظهور دون البطون، فهو يريد أنه لا يدخل في ذلك أولاد البنات؛ لأن البنات من أولاد الظهور، وأما أولادهن فهم أولاد بطون، فكأنه يقول: لا يدخل في هذا الوقف أولاد البنات.
س: وهذا يسأل عن بعض الكتب في اقتنائها، قطف الثمر لصديق حسن خان وعقيدة أهل الحديث للإمام الصابوني -رحمه الله- والدر للإمام الشوكاني رحمه الله.
لا بأس بها صديق -رحمه الله- تأثر بكتب أئمة الدعوة لما اطلع عليها؛ فلأجل ذلك ألف كتبا تتعلق بالعقيدة، منها هذا الكتاب، وغيره من الكتب، ومنها تفسيره، فهو يعتبر من أهل السنة والجماعة؛ ولأجل ذلك المتأخرون القبوريون يرمونه بأنه وهابي، ولا يقبلون شيئا من كلامه، والشوكاني كذلك أيضا إمام عالم، وله أيضا هذا الكتاب، ولغيره من الأئمة الذين أيدوا هذه الدعوة.
س: وهذا يقول: رجل قال لزوجته: أنت علي حرام إذا خرجنا للمكان الفلاني، وهو ينوي بهذه العبارة الطلاق، ثم ألحت عليه حتى أذن بالخروج لها إلى هذا المكان، وخرجا سويا إلى هذا المكان، فهل يقع طلاقه؟ ثم يقول: وهل يلزم الكتاب، والإشهاد للرجعة وما هي العدة؟
نرى في هذه الحال أنه ظِهار، فعليه كفارة الظهار؛ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا هذا الذي يظهر لنا؛ لأن كلمة التحريم تقتضي الظهار مثل قوله: أنت علي محرمة إن فعلت كذا، أنت علي كظهر أمي إن فعلت كذا. كل هذا داخل في قوله: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وفي هذه الحال لا يحتاج إلى المراجعة؛ لأنها في ذمته، ولا يحتاج إلى إشهاد، وليس لها عدة؛ لكن إن تركها حتى تمت أربعة أشهر وهو متجنب لها فإنها تطالبه، وتقول: إما أن تكفر، وإما أن تطلق.
س ... شيخ شوف هذا الإناء، يقول: إنه منتشر في مدارس البنات، ويباع مكتوب فيه آية الكرسي فيستخدم أحيانا يوضع فيه الماء، ونغتسل بالماء تبركا، فما حكم أن يباع، حتى تُنقل فتوى لهم؟
نرى أن هذا امتهان للقرآن؛ فإنه قد يوضع فيه شيء من الأوساخ ونحوها. في سورة يس مكتوب فيه: الله شاف، وفيه آخر السورة يعني: قوله تعالى:... يعني الظاهر أن فيه سورة يس كلها. نرى أنه لا يجوز بيعه على هذه الحال إلا بشرط أن الذين يستعملونه، يستعملونه في شيء طاهر، كشرب لبن، أو ماء نظيف، أما أن يجعل مع الأطفال الذين قد يشربونه، ويصبون فيه أشياء غير نظيفة، ففي ذلك امتهان للقرآن.
..ما دام أنه صنع هكذا لا شك أن فيه شيئا من الامتهان؛ لكن إذا كان استعماله في أشياء نظيفة يكون هذا فيه شيء من التحفظ.
..بكل حال إذا كان يستعمل في أشياء نظيفة كشرب ماء النظيف، أو لبن نظيف، وأما امتهانه مع الأطفال وغطاؤه في الأتربة ونحو ذلك فهذا امتهان.
..وكذلك إذا قصدوا به الاستشفاء قد يجوز؛ ولكن والأولى أنه لا يُستعمل لكل أحد.
س: وهذا السائل يسأل يقول: فضيلة الشيخ لقد قلتم البارحة: إن الرجل لو ذهب إلى الرياض ورجع في نفس اليوم لا يقصر الصلاة أرجو توضيح ذلك؟
المختار عند شيخ الإسلام ابن تيمية أن المسافة لا تعتبر، وإنما المعتبر هو الزمان الذي يقضيه المسافر فهو يقول: من قطع مسافة طويلة في زمن قصير لا يسمى مسافرا، ومن قطع مسافة قصيرة في زمن طويل، فإنه مسافر ويترخص فيقول -مثلا- لو خرج إنسان من هذه البلاد مسيرة أربعين كيلو في خيمة أو نزهة، ولم يرجع إلا بعد يوم وليلة أو يومين فله حق أن يترخص، وأما لو -مثلا- وصل إلى الأحساء أو وصل إلى الرياض ورجع في يومه سواء من طريق الجو أو طريق البر، فلا يسمى مسافرا، ولا يفقده جيرانه ولا يأتونه للتهنئة، ولا يدري أكثرهم أنه تغيب، فلا يسمى مسافرا ولا يترخص؛ وذلك لأن أكثرهم يفسرون السفر بأنه ما يحتاج إلى زاد ومزاد. يحتاج إلى أن يحمل معه زادا وأن يحمل معه مزادا الذي تجعل فيه الماء مزادة؛ إناء من الجلد يجعل فيه الماء كالقربة الكبيرة ونحوها؛ فمثل هذا الغالب أنه ما يحملون معهم شيئا من ذلك لو سافروا -مثلا- إلى الأحساء .