القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
52805 مشاهدة
مؤلفات ابن تيمية في العقيدة وغيرها

...............................................................................


وأما أمر العقيدة فقد أكثر من الكتابة فيها، ويدل على ذلك مؤلفاته التي طبعت وانتشر كثير منها، مجموع الفتاوى، الذي هو خمسة وثلاثون مجلدا؛ الستة الأولى كلها في الأسماء والصفات وفي التوحيد، والسابع في الإيمان، والثامن في القضاء والقدر، والتاسع في المنطق، والعاشر والحادي عشر في السلوك، وفي التصوف، والثاني عشر في أن القرآن كلام الله، والثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر في التفسير، والسابع عشر في الحديث ثم بعد ذلك ابتدأ في أصول الفقه، ثم في الفقه مما يدل على أنه اعتنى بالعقيدة، وله أيضا كتب مفردة في العقيدة منها كتاب العقل والنقل ذكره ابن القيم بقوله في النونية:
واقرأ كتـاب العقل والنقل الذي
ما في الوجود لـه نظـير ثان
وقد طُبع محققا في نحو عشرة مجلدات، ومنها كتاب المنهاج في الرد على ابن المطهر الرافضي طبع أيضا محققا في عشرة مجلدات، وأكثره في أمر العقيدة المجلدات الأوَل في أمر العقيدة، ثم في مناقشة ابن المطهر مما يدل على أنه -رحمه الله- أولى أمر العقيدة اهتماما كبيرا، ولكنه أراد بهذه المنظومة أن يلخص ما يدور حول العقيدة بهذه الأبيات فهو يقول:
.................................
رُزِق الهـدى مـن للهداية يسأل
اسمع كـلام محقـق فـي قـوله
لا ينثني عنه ولا يـتـبـدل
يعني أنني أقول هذا القول عن تحقيق، وليس عن ظن، ولا عن تخرص، ولكني جازم بصحة ما أقول، وجازم بذلك عن قلب لا أنثني عن هذه العقيدة، ولا أتبدل، ولا أبغي غيرها. لماذا؟ لأن العقيدة هي ما يعقد عليه القلب، وأكثرها من الأمور الغيبية التي فرضها الله تعالى، وأخبر بأدلتها، فإن الأصل أن العقيدة هي الإيمان بالغيبيات، وبما غاب عنا، كل شيء غاب عنا وأخبرنا به ربنا، أو أخبرنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم- فإن إيماننا به جزم ويقين نسميه عقيدة، ومن ذلك الإيمان بكلام الله تعالى، وأنه يتكلم به حقا إلى آخر ذلك:
اسمع كـلام محقـق فـي قـوله
لا ينثني عنه ولا يـتـبـدل