تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
50304 مشاهدة
عقيدة ابن تيمية في آيات الصفات

...............................................................................


ثم يقول:
وأمر آيات الصفات كما أتت
وأصونها عن كل ما يتأول
آيات الصفات الآيات التي فيها صفات الله تعالى يجب أن نمرها كما أتت. كان السلف -رحمهم الله تعالى- يقولون: أمروها كما جاءت، بلا كيف يعني لا تكيفوها، بل أمروها كما هي على ما هي عليه فيقول:
وأمر آيات الصفات كما أتت
وأصونها عن كل ما يُتأول
أصون آيات الله القرآنية وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تأويلات أولئك المحرفين الذين يسمون تحريفهم تأويلا.
ويريد بآيات الصفات الآيات التي بها إثبات صفات الله تعالى وهي كثيرة، فمنها آيات العلو كقوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى فإن هذا إثبات العلو لله، وكذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا وقوله: إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ أخبر بأنه علي، وأنه الأعلى. لا شك أن هذا دليل على أنه عليّ كما يشاء.
ومنها آيات الفوقية كقوله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وقوله: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ فإن هذا دليل على إثبات صفة الفوقية، وأنه فوق عباده كما يشاء. ومنها آيات الرفع كقوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ يخاطب عيسى وقوله تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ .
رفعه إليه أي: رفع عيسى إليه، ولا شك أن الرفع لا يكون إلا من الأسفل إلى الأعلى، فأخبر بأنه رفعه إليه؛ فنصون هذه النصوص عن تأويلاتهم التي يتأولونها ليصرفوها عن ظاهرها.
وكذلك الصفات الفعلية، والصفات الذاتية، فإن الله أثبت لنفسه ذلك، وكذلك النبي-صلى الله عليه وسلم- فأثبت الله لنفسه صفة اليد في قوله تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ وأثبت صفة الوجه في قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وفي قوله: إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وفي قوله: يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وفي قولهم: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ أخبر بأن لله تعالى صفة الوجه، وهذه من الصفات الذاتية.
وكذلك أيضا الصفات الفعلية أثبت لنفسه الغضب في قوله: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وأثبت الرضا: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وأثبت الرحمة في قوله تعالى: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وفي قوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وأثبت لنفسه المحبة في قوله: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وأثبت له الكراهية في قوله: كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ وغير ذلك الكثير من الصفات، وكذلك في الأحاديث؛ كلام المصطفى الهادي -صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يحلِف بقوله: والذي نفسي بيده .
وكذلك ثبتت أحاديث عنه في كثير من الصفات مثل قوله: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا ... كما يشاء، ومثل قوله: عجِب ربك... أثبت لنفسه العجب، مع أن فيه مثال ورد في القرآن قوله تعالى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ وكذلك أثبت الضحك في قوله صلى الله عليه وسلم: يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة وغير ذلك الكثير.
فيقول الشيخ رحمه الله: إني أقول: قال الله يعني: أستدل، فأقول: قال الله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وقال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وقال الله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وقال الله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وقال: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ .
وكذلك أقول: قال المصطفى الهادي، أقول: قال المصطفى يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال المصطفى يعني أنه قال كذا وكذا، فأقول: قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: عجب ربك من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك أثبت لنفسه الضحك، وأثبت لربه سبحانه وتعالى العجب.
وأقول: قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر وأقول: قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه وغير ذلك من الأحاديث أقولها وأثبتها حقا؛ ولذلك قال:
...........................
وأصـونها عن كل مـا يتـأول
أي: أصون كلام الله تعالى، وكلام نبيه -صلى الله عليه وسلم- عن هذه التأويلات التي يسلكها أولئك المعتزلة والأشعرية؛ بمعنى أننا نفسرها كما جاءت. السلف -رحمهم الله- فسروا هذه الآيات بما ظهر لهم.
يقول ابن القيم في النونية في تفسير: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فيقول:
ولـهم عبـارات عليهـا أربـع
قـد حـررت للفـارس الطعان
وهي استقـر وقـدر وكـذلك ار
تـفع الـذي ما فيـه من نكران
وكـذاك قـد صعد الذي هو رابع
وأبو عبيـدة صـاحب الشيباني
يختار هـذا القـول في تفسـيره
أدرى مـن الجهمي بالقــرآن
والأشعري يقـول تفسـير استوى
بحقيقة استـولى مـن البهتان