تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
52098 مشاهدة
إنكار المعتزلة للميزان والحوض

...............................................................................


أما المعتزلة فأنكروا الميزان، وقالوا: إنما يحتاج الميزان إلى قانون. الله تعالى لا حاجة به إلى نصب هذه الموازين كيف يحتاج إلى أن توزن الأعمال؟ نصوص صريحة يكذبون بها. فسَّروا الميزان بأنه العدل؛ يعدل بين عباده وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ يعني العدل، ولا شك أن الموازين في الأصل هي التي توزن بها الأشياء كما يزن البقالون في الدنيا؛ كذلك في الآخرة جعلها الله تعالى لتمام العدل؛ فهؤلاء كذبوا بهذه النصوص، وجعلوا أن الميزان هو أنه يَعدل في عباده وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا فهذا من التأويل الباطل الذي حرَّفوا به الكلم عن مواضعه.
وكذلك أيضا الحوض. كثير منهم أيضا يكذب به فيقولون: إن أحاديثه وإن كانت كثيرة لكنها لم تخرج عن حديث آحاد، والعقيدة لا بد فيها من التواتر، ومعلوم أنها بلغت حد التواتر، وإن لم يكن تواترا لفظيا لكنه تواتر معنوي بحيث أن هؤلاء الصحابة لا يمكن أن يكذبوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- مع كثرتهم وتنوع عبارتهم، فنقول: إن أهل السنة يُقرون بالميزان، ويُقرون بالحوض كما ذكر ذلك أبو العباس ابن تيمية في هذه القصيدة.
وكذلك أيضا يقرون بما يكون في يوم القيامة من الحساب، فإن الله تعالى ذكر الحساب في قوله عز وجل: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا وفي قوله: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وهو حساب العرض؛ بمعنى أن الله تعالى يحاسبهم فيقول: عملت كذا، عملت كذا. يذكر الله تعالى الإنسان بعض هفواته فلا يجد بدا من أن يعترف، وفي يوم القيامة أيضا أخبر الله تعالى أن الجوارح تتكلم كما في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ أي: تشهد عليهم جوارحهم بما عملت.
وكذلك قول الله تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وفي قوله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ أخبر بأن جوارحهم تشهد عليهم؛ تنطق، ولو كانت في الدنيا لا تنطق يعني يد الواحد تتكلم، وتقول: نعم: أشهد أنه عمل كذا وأشهد أنه عمل كذا، وكذلك رجله؛ أنه مشى إلى كذا مشى إلى المسجد أو مشى إلى الملاهي، أو ما أشبه ذلك فهذه أيضا مما نؤمن بها؛ لأن أدلتها من القرآن واضحة، وتفاصيل يوم القيامة في القرآن منها تفاصيل كثيرة، وكذلك أيضا في السنة النبوية نؤمن بذلك كله ولا نرد منه شيئا.
نتوقف هنا، نكمل الباقي إن شاء الله بعد المغرب، ونستمع إلى الأسئلة.
أسئـلة
س: السؤال الأول يقول: عندما سئلتم يا شيخ في الدرس السابق في مسألة الاستحلال هذه وقع إشكال من بعض الإخوان عن الذنب والإصرار عليه وتكراره أن هذا يلزم منه استحلال القلب كفر ذلك والذي يخرجه من الدين بخاصة، ونقل بعض الإخوان يقول: سئل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن ذلك فأجاب ما ملخصه أن الاستحلال عمل قلبي لا يمكن الاطلاع عليه إلا إذا أعلن الاستحلال نطقًا بلسانه أرجو بيان ما أشكل؟
لا شك أن لما في القلب علامات. الذي في القلب خفي، ولا نطلع عليه؛ ولكن له علامات، فإذا رأيناه يُصِر على هذه الأشياء ويستمر عليها، فقد يكون متأولا، وقد يكون متساهلا يظهر منه تساهل، فلا يُقال: إنه مستحل، ولكن مع الاستمرار، ومع الإصرار، ومع الاستكبار يُعرف بذلك أنه مستحل لهذا الذنب.
أما إذا عرف بأن ذلك من باب التساهل، وأنه من باب التأويل، وأنه ممن يقول: أرجو -رحمة الله- أنا أعترف بأني مذنب، ولكن نفسي غلبتني حتى فعلت ما فعلت من هذه الذنوب. أقول: إنها ذنوب، وأقول: إني أذنبت؛ ولكن لا أقول لا أزكي نفسي. في هذه الحال يظهر أنه ذنب كسائر الذنوب ذنوب كثيرة، وكلنا نقع في الذنوب، وكلنا يقع منا هفوات؛ ولكن الله تعالى يعفو يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون فيغفر الله لهم .
إن الله يحب من عباده أن تنكسِر قلوبهم عنده إن الله عند المنكسرة قلوبهم يقول: أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي كذلك أيضا ورد أن الله تعالى يغفر لصاحب الذنب يقول: إن هناك ذنبا دخل به صاحبه الجنة؛ وذلك لأنه أذنب ثم إذا تذكر ذنبه دائمًا خشع قلبه وخاف، ودمعت عيناه، واستحضر العقوبة، فأحدث له هذا الذنب كثيرا من الحسنات، وكثيرا من التوبة، فكان ذلك سببا في دخوله الجنة.
فالحاصل أنه ليس كل من فعل ذنبا أنه يكون مستحلا له؛ إنما يعرف الاستحلال بالعناد والإصرار والاستكبار والمجادلة، وعدم الانصياع إلى الحق، وعدم تقبله، وعدم الإصغاء إلى الأدلة التي تخالفه، فنقول: هذا هو حقًّا المستحل.
س: نفس الكلام يا شيخ يقول: قلتم: إن مجرد فعل المعصية كالقتل واغتصاب الأموال يدل على استحلال فاعلها لها، ولو لم يصرح بلسانه بأنه مستحل لها؟.
إذا نُصِحَ، وأصر، وعاند، وتمادى، واستمر على ذلك، ولم يقبل نصيحة، ولم يتب، ولم يستغفر، ولم يقر بذنبه، وأصر على ذلك واستمر عليه. رأيناه دائما ينهب، ورأيناه يغتصب ورأيناه يقتل ورأيناه يبطش بالمسلمين، ولا يترك لهم حرمة، ونُصح وخُوِّف بالله فأصر على ذلك وسخر من الذين ينصحونه. هذا دليل على الاستحلال، وأما إذا اعترف بأنه متأول، أو بأنه مذنب، فلا يصير مستحلا.
س: أحسن الله إليكم. يقول: هل صحيح أن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- رأى الله في المنام، وسأله عن أجر قارئ القرآن بتدبر وقارئ القرآن بلا تدبر فقال: كل له أجر؟.
ما أذكر هذا لكن قرأت في بعض المخطوطات لما أنه امتُحن يقول: إني رأيت في المنام يقول:-وأظنه للواثق- رأيت أن القيامة قد قامت، وأن الله قد جاء لفصل الخطاب، ثم إني دعيت، فقال الله لي فيما ظلمت؟ قلت: في القرآن قال: فما تقول في القرآن؟ قلت: كلامك اللهم لك. رؤية طويلة في هذا المعنى، ولا شك أن الإنسان يتخيل رؤية الله في المنام، ولكنها لا تدل على التمثيل، وأما سؤاله عن قارئ القرآن كذا أو العامل كذا فما أتذكر ذلك.
س: في السؤال السابق يا شيخ في الاستحلال يقول: إذا ما الفرق بين هذا القول ومذهب الخوارج؟
لا شك أن الخوارج. إنهم كل من كان مذنبا عندهم فإنه كافر. يُكَفِّرون بكل ذنب حتى الصغائر؛ ولأجل ذلك صار الذنب عندهم كفرًا والعفو عندهم ذنبا فأنكر ذلك عليهم الصحابة وكذلك أهل السنة، وليس ذلك مثل الذين يستمرون على الذنب ويبقى عليه طوال حياته، ويجادل عنه، وينُصَح ويُبَيَّن له ولكنه لا ينصاع إلى ذلك ولا يتأثر بالنصائح؛ بل يصر على ذلك مما يدل على أنه مستحل له. استمراره على ذلك وعدم تأثره بالنصائح تدل على الاستحلال، وأما إذا فعله، ونصح، وتأثر، أو اعترف بأنه مذنب فهذا مذنب.
س: وهذا سائل يسأل يقول: أديت فريضة الحج قبل أربع سنوات، ومعي أختي فرمينا الجمرات في اليوم العاشر، وبعد ذلك وكلتني برمي الأيام الباقية؛ لأنا لم نكن نعلم أن وقت الرمي إلى الليل، فما الحكم في ذلك؟.
لعله يجزئ؛ لأن النساء في هذه الأزمنة يلقين مشقة. يحصل زحام بالرجال وتكشف ونحو ذلك فلا شك أنها لو رمت في الليل لكان أفضل من التوكيل.
س: وهذا سائل يسأل يقول: ما حكم القائل: يا رحمة الله، لمن أراد أن يسأل الله الرحمة؟
لا يجوز دعاء الصفة إنما يقال: يا رحيم يا رحمن، وأما رحمة الله فإنها صفة، وقد تكون أيضا الرحمة مخلوقة؛ فلا يجوز دعاء الصفة.
س: يقول: قال الله عز وجل: الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا فما المراد بالنسيان في هذه الآية؟.
ليس النسيان الذي هو نسيان الشيء فقد نفاه الله عن نفسه قال تعالى: فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ولكن المراد هنا الإهمال يعني: أهملناهم، وعاملناهم معاملة من نسيهم الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا كذلك قوله تعالى في المنافقين: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ يعني: ما ذكرهم مصالح أنفسهم. عاملهم معاملة من أهملهم.
س: وهذا يسأل سؤالا ملخصه: أن امرأته كانت حاملا في الشهر الرابع، وأدخلت المستشفى بسبب نزيف ثم أخرجت على أن تعود بعد أسبوع، ففهمت أن الجنين قد توفي فأحضرت لها دواء، وبعد أخذه وبعد مضي ساعة من أخذه أو من أخذها للدواء شعرت بحركة الجنين، ومن ثم حدث معها نزيف، فذهبت إلى المستشفى وتبين بأن الجنين قد مات للتو، وبعد ذلك خرجت من المستشفى بعد إجهاض الجنين، فما الحكم في ذلك؟
لا شك أنها معذورة بهذا الظن، ولا إثم عليها، لو كان أنها متعمدة ألزمت بدية الجنين. أما إذا لم تكن متعمدة فلا دية عليها.
س: يقول: النذر جعله العلماء من العبادة، والعبادة محبوبة لله، ومع ذلك قال العلماء: النذر مكروه فكيف نجمع بينهما؟
ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النذر، وقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يُستخرج به من البخيل وذلك لئلا يكثروا من النذر الذي يظنون أنه يُؤَثِّر. -مثلا- إذا قال: إن نجحت في الاختبار فلله علي أن أتصدق بمائة. نقول: أنت بخيل ما تتصدق إلا إذا نجحت. استُخرج به من البخيل. عليك ألا تنذر وأن تخرج ما تتصدق به سواء نجحت أم لم تنجح. إذا كنت تريد الخير أو قال- مثلا:- إن شفي ولدي، فعلي أن أتصدق بمائة، فكأنه لا يتصدق إلا إذا شفي، فهذا يدل على أنه بخيل فيقول: ليس هذا النذر سببا للنجاح، وليس سببا للشفاء، الله تعالى هو الذي يقدر الشفاء إذا شاء؛ فنهى عن مثل هذا النذر. إنه ليس سببا في أنك تُشفى يعني: كأنك تعتقد تقول: الله ما يشفيني إلا إذا نذرت له صدقة. الله ما ينجحني إلا إذا نذرت له بهذه الصدقة. هذا خطأ.
أما كون النذر عبادة فيقولون -مثلا:- إن النذر على حسب ما يشتمل عليه فإذا كان عبادة وجب الوفاء به، وإذا كان حرامًا فلا يجوز عقده ولا يجوز الوفاء به، فلو قال- مثلا:- إن شُفي مريضي، فلله علي أن أذبح بدنة عند قبر السيد الحسين هذا شرك لا يجوز، وكذلك لو قال: إن شفيت من المرض، فعلي أن أقتل فلانا ظلما؛ فهذا لا يجوز، أو إن شفيت، أو شفي ولدي، فعلي أن أسقي أهل بلدي الخمر، فهذا ما يجوز؛ نذر معصية، فإنما يجوز إذا كان نذر طاعة، فيوفي به مع الكراهة لعقده.
س: نعم يا شيخ يقول: لقد أفتيتم في الصحن الذي كان في المجلس السابق بأنه جائز الاستشفاء به. هكذا فهم، فما ردكم وفقكم الله بمن يطلق على هذا الصحن بأنه الصحن الشافي؟
لا يجوز، إنما هذا الصحن كتبت فيه هذه السورة وقصدوا بذلك إما قصد التبرك، وإما قصد الاحتفاظ أو الإفادة، فنكره أن يُستعمل لأجل الشفاء ولا نحرم ذلك.
س: يقول ما الفرق بين عقيدة أهل السنة والجماعة في تكفير من عمل ما يُكفَّر به، وبين عقيدة المرجئة في قولهم أن من قال: لا إله إلا الله لا يكفر؟
المرجئة يقولون: إنه لا يدخل النار، ولا تضره المعاصي، وعليه أن يفعل من المعاصي ما يشاء، وأما أهل السنة فيقولون: إن كان من أهل التوحيد الخلص مآلهم إلى دخول الجنة، ولو عذبوا في النار. إذا كان لهم سيئات وذنوب كثيرة، فإنهم يدخلون النار إذا لم يعفو الله عهنم، فإذا عُذبوا بقدر ذنوبهم وكبائرهم أخرجوا، ودخلوا الجنة؛ إما بالشفاعة، وإما برحمة الله تعالى. أما الخوارج فيقولون: إنهم لا يخرجون منها. إذا أذنبوا فإنهم يخلدون فيها وهكذا المعتزلة.
س: يقول: ما رأيكم حفظكم الله في قول العامة عندما يقال لأحدهم: تفضل معنا يقول: معك الرحمن؟
لا بأس بذلك إذا كانوا يقصدون المعية التي هي خاصة. معكم الرحمن بحفظه وبتوفيقه وبهدايته وتسديده. لعلهم يقصدون قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ .
س: هذا يقول أعمل في مجال النشاط الكشفي القائم على أسس ومبادئ تتفق مع الشريعة الإسلامية، ويعوِّد الطلاب على حياة الجد، والخشونة ونحو ذلك، فهل هذا سائغ أم لا؟
إذا كان لم يكن به محذورا فلا بأس؛ فأن ورد أن عمر قال: اخشوشنوا، وقال: تفقهوا قبل أن تسودوا، يعني أن الإنسان لا تدوم له هذه الرفاهية. هذه السعة، وهذه النعمة، وهذه الخيرات، وهذه النعم والمأكولات وما أشبهها قد تتغير، يُعرَف كثيرٌ من الناس كانوا في غاية النعيم، ثم افتقروا، وأصبحوا في عيش الفقراء، فيعود الإنسان نفسه على التعب، وعلى العمل، وعلى حمل الأثقال، وعلى المشي، وعلى الحرفة، فإنه قد يحتاج إليها، فلا بأس أن يعود الطلاب على مثل هذا.
س: يقول: رجل في إحدى الهجر وبيته مفتوح للجميع ويأتيه بعض الرافضة يحضرون المدرسات للمدارس ويمكثون في بيت هذا الرجل، وشرب القهوة، والشاي، واللبن ويأكلون التمر، وبعضهم له ثلاث سنوات على هذه الحال؛ فإن بعضهم يقوم ويؤدي صلاته الباطلة في بيت هذا الرجل، وحين ينصحهم قالوا: نحن على الحق والوعد قدام؟
ما نرى إكرام العصاة، ولا إكرام المبتدعة. إذا علمت بأن هذا عاص، فلا يجوز لك أن تكرمه، ولا أن تطعمه، ولا أن تدخله في منزلك. إذا رأيت أنه مُصرّ، وكذلك إذا عرفت أن هذا مبتدع يعني: رافضي، أو معطل، أو مرجئ، أو قدري، أو إباضي، أو خارجي؛ فإياك أن تكرمه، ولا تأذن له بدخول بيتك؛ سيَّما إذا كانت لا تؤثر فيه النصيحة، فإذا ابتليتم بهم فاتركوهم عند الأبواب في الطرق إلى أن ينهوا إجراءاتهم. إذا كانوا ينقلون -مثلا- طلابا أو إذا كانوا ينتظرون طلابا، فلا تكرموهم، وأنتم تعرفون أنهم يكفرونكم، أو أنهم على عقيدة باطلة.
س: وهذان سائلان يسألان يقولان: هل للميزان شكل معين كموازين الدنيا؟
يعرف بأنه له كفتان، وله لسان يعني: كفتان؛ لأنه ورد في حديث، في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حكاية عن الله أنه قال: لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري في كفة، ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله فدل على أن له كفتين. الكفة هي التي يوضع فيها الموزون. نعم.
س: يقول: والدي كبير في السن، ومبتلى بشرب الدخان، ويطلب مني أن أشتري له الدخان، وإذا رفضت غضب علي غضبا شديدا، فهو لا يستطيع أن يشتري لنفسه؛ لأنه كبير في السن، ولا يستطيع الذهاب للشراء، وليس له أحد غيري؛ علما أني نصحته، وتعبت تعبا شديدا في ذلك، فهل أشتري له أم ماذا أفعل حفظكم الله؟.
لعلك تترك الشراء له حتى إذا فقده تسلى عنه وتاب. إذا امتنعت من إجابته، واعتذرت بأنك ما وجدت أو بأنك مرهق أو بأنك تغيبت أو نسيت يومين ثلاثة أيام عشرة أيام حتى يتسلى، ويتوب، فإنه ولو-مثلا- أحس بدوخة في اليوم الأول، أو في الأسبوع الأول قد تخف عنه في الأسبوع الثاني، أو ما بعده حتى يتوب منه، ولو كان مُسنا فاعتذر معه لأول مرة، ولا تطعه في هذه المعصية.
س: هذا رجل كبير في السن معنا في هذا المسجد يسأل عن بخاخ الربو في رمضان هل يؤثر على صيامه؟.
لعله لا يؤثر عند الحاجة عند الضرورة إذا ضاق به النفس وخاف-مثلا- من التأثر يستعمله بقدر الحاجة.
س: يقول: متي يحجب الكفار عن ربهم، ونحن نعلم أن الله يحاسب المؤمنين والكافرين، ويلزم من ذلك رؤية الله لهم، وأنهم يرون الله عز وجل. وضحوا لنا ذلك نفع الله بعلمكم؟.
لا يلزم فإنه ورد أنه يُقال يوم القيامة: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ومن كان يعبد القمر القمر، ومن كان يعبد الطواغيت الطواغيت وكذلك أيضا يُقال لليهود: ماذا كنتم تعبدون فيقولون: نعبد العزير ابن الله فيقال: كذبتم ما اتخذ الله صاحبة ولا ولدا ماذا تريدون؟ فيقولون: عطشنا يا رب يعني فاسقنا يدعون الله تعالى ولا يرونه فيقال: ألا تردون فيردون إلى النار فيتساقطون فيها، وكذلك بقية الكفار، فلا يلزم منه أنهم يرون الله تعالى في الآخرة، ولا أنهم يرونهم في الجنة؛ فهم عن ربهم محجوبون سواء في البرزخ أو في الموقف أو بعد ذلك.
س: ويسأل كثير من الإخوة عن أن بعض شركات الحواسيب الكمبيوتر تتنج برامج عديدة، وتكون محمية أي: لها حقوق محفوظة، فيقوم البعض باستنساخها وبيعها، فهل يحق لي أن أشتري من هذا المستنسخ نسخة؟
نرى أن مثل هذا لا يجوز، وذلك لأنهم تعبوا، وبذلوا في ذلك أموالا في جمع هذه المادة، وفي جمع هذه الكلمات، وهذه الأصوات، فتعبوا في ذلك، وأنفقوا على ذلك مالا فباعوها لما يصادقهم. فإذا عمد كل أحد ونسخ منها هذا مثلا مائة، وهذا نسخ مائتين وباعوها بثمن قليل كسدت تلك الأعمال التي عملوها وخسروا فيها، فيكون ذلك سببا في تخاذلهم وعدم عملهم بمثل هذه الأعمال، فيضرهم ويضر الناس، فنرى أنك لا تشتري منهم، لكن يجوز لك أن تستعير من الذي يشتري؛ أن تستعير منه نسخة لتستمعها، ويمكن أنه يجوز أن تنسخ منها نسخة خاصة لك.
س: يقول رجل: بدأ بصيام شهرين متتابعين كفارة فوافق ما بين هذين الشهرين عيد الأضحى؛ فهل يفطر ويكمل الصيام أم ماذا يفعل؟
نعم. يفطر عيد الأضحى، ويفطر ثلاثة أيام التشريق، ثم يصوم هذه من الشهر التالي.
س: يقول: هل كلم الله عز وجل نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم؟
نعم. في ليلة الإسراء أخبر بأنه سأل ربه وقال: يا رب خفف عن أمتي قال الله: قد رفعت عنك عشرا... إلى آخره فيدل على أنه سمع كلام الله.
س: وهذا يقول: ما الدليل على أن من علامات قبول العمل الصالح، العمل الصالح بعده؟
ورد في حديث: أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة، السيئة بعدها؛ فإذا وفق الله العبد بعمل حسنة، ثم حبب إليه الحسنات التي يعملها دل ذلك على أنها مقبولة.
س: كثير من الإخوان يسألون عن حكم مشاهدة التلفاز لمشاهدة الأخبار وغيرها من البرامج مع العلم أن من يقدم ذلك من النساء؟
يكره وقد يحرم للرجال أن ينظروا إلى صور النساء المتكشفات في الشاشات. كذلك نظر النساء إلى صور الرجال المتجملين في الشاشات، فإن في ذلك فتنة، أما إذا كان مجرد سماع دون نظر إلى الصور فلعله مما يُتسامح فيه.
س: وهذا يقول: إن زوجتي استخدمت البلياج، وهو عبارة عن صبغة شعر من الميش وكانت جاهلة بالحكم، فسألت فقالوا عنه: إنه غير محرم، والمحرم هو الميش؟
صحيح. الميش: كون المرأة تصبغ شعرها بعدة أصباغ جزء منه أحمر، وجزء منه أبيض وجزء منه، أصفر وجزء منه أسود، وجزء منه أزرق. تلونه، وهذا لا يجوز؛ لأنه تغيير لخلق الله، ويمكن أن هذا ليس ميش؛ يعني ما هو تغيير تام، ولكن يدخل في التغيير؛ يدخل في المغيرات خلق الله. نقول: عليها أن تتوب ولا تعود.
أحسن الله إليكم يا شيخ، وبارك فيكم.