إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
76066 مشاهدة print word pdf
line-top
حد القذف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِين وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ .


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قول الله تعالى: والَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا في الآية الرمي أطلق في هذه الآية: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ولم يذكر المرمي به، ولكن السياق يدل على أن الرمي يكون بالزنا؛ أي: الذين يرمون المحصنات بالزنا. ويعبر عنه أيضا بالقذف؛ أي يقذفونهن، ويتهمونهن بالزنا. ولا بد في القاذف أو الرامي أن يصرح بأن يقول: إن فلانة قد زنت، أو يدعوها بقوله: هذه الزانية، أو يا زانية، أو زنيت، أو زنا فرجك.
ويكون بذلك قد صرح بما قذف به من هذا الإفك، أو من هذه الفاحشة؛ يرمونهن بالفاحشة. وسمي رميا؛ لأن الرمي هو الذي يقتل المرمي أو يصيبه فيعوقه، وأصل الرمي: الرمي بالسلاح أو بالشيء الذي يؤثر في المرمي؛ لقول الله تعالى:
وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ويسمى تعلم الأسلحة رميا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا وقوله في تفسير قوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ألا إن القوة الرمي .
ولكن هاهنا أطلق الرمي على القذف؛ على التهمة بأن يرمي أي: يتهم ويقذف فلانة بأنها قد زنت. فيشترط:
أولا: التصريح؛ بأن يقول: زانية أو زنت أو وطئت أو وطئها غير زوجها وغير سيدها، أو يعبر بالعبارات الواضحة في القذف .
والشرط الثاني: أن تكون من المحصنات: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ وفي الآية الآتية: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ؛ فاشترط أن يكن محصنات؛ المحصنة هاهنا: هي العفيفة؛ قال تعالى : وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ؛ أي: حفظت نفسها. فالمحصنات هن العفيفات الحافظات لأنفسهن؛ لقوله تعالى : فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ التي تحفظ نفسها، وتحفظ فراش زوجها، وتحفظ بيت زوجها؛ فلا تتطرق إليها التهمة؛ تعرف بعفتها، وتعرف ببعدها عن الشهوات المحرمة، وعن الفواحش وعن اقتراف المحرمات.
هذان شرطان؛ فإذا اختل واحد منهما لم يجب الحد؛ فإذا لم يصرح؛ إذا قال: فلانة متهمة، أو ليست عفيفة، أو هذه ليست ببريئة، أو أنا أتهمها بالزنا، أنا أظن، أنا أقدر أنها كذا وكذا، رأيتها تركب مع الأجانب، رأيتها تؤوي أو تدخل في دارها من ليس بعفيف أو من هو متهم .
فهذه ليست تصريحات؛ إنما هي تلميح؛ فإذا كان كذلك فلا يجب الحد؛ ولكن يستحق التعزير؛ وذلك لأنه اتهمها وإن لم يجزم؛ بخلاف ما إذا جزم فإنه يجب عليه الحد والحال هذا. كذلك إذا لم تكن المرأة من المحصنات أي: من العفيفات؛ فهناك النساء اللاتي تتهم في نفسها. يعرف الناس عنها تساهلها، كثرة خروجها من بيتها، وكثرة دخول الناس عليها في بيتها؛ وكثرة سفرها بدون محرم وركوبها مع غير المحارم، وخلوتها كثيرا بالأجانب، وكذلك أيضا يعرف من كلامها أنها دائما تتكلم في العورات، وتتكلم في الفروج، وفي فعل الفواحش؛ ولو كانت مازحة، ولو كانت ضاحكة، أو تذكر دائما أنه ما يفعل بها، ولو قالت تنسب ذلك إلى زوجها أمام الناس: .. من زوجي ، وأنه فعل معي، فإنه .. مما يثير التهمة نحوها؛ ذكرها لهذا دائما دليل على تساهلها. فهل تسمى هذه محصنة؟. لا تسمى؛ بل متهمة. فإن الإحصان هو التعفف: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ هكذا شرط الله. وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ السفاح: هو الزنا ؛ أي: أحصن أنفسهن. فالتي ليست محصنة، أي: تلحقها التهمة، ويظهر عدم براءتها، ويظهر أو تقوى التهمة نحوها؛ فهذه لا تدخل في الآية.
بلا شك أن هذا الرمي إذا كانت محصنة، ورماها بتلك الفاحشة؛ فإنه يلحقها عار ويلحقها شنار، وتستاء لذلك، ويحزنها أن تتهم في نفسها؛ وأن تتهم في عرضها؛ فيكون في ذلك ظلم لها، وفي ذلك ضرر عليها، ونشر سمعة لها؛ سمعة سيئة. فلا جرم كان من آثار ذلك: أنها ينتقم لها، ويؤخذ بحقها، ويقام الحد على من قذفها.

line-bottom