الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
78465 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ

...............................................................................


قوله -تعالى- الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ هذه الآية أيضا في فضل عائشة وفضل أمهات المؤمنين يعني: النساء الخبيثات أزواجهن يكونون مثلهن في الخبث، والخبيثون: الرجال الذين هم من أهل الخبث يوفق لهم مثلهم من النساء وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ شهادة بأن عائشة طيبة من الطيبات وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أزكى الطيبين، وفق الله له نساء طيبات، ووفقهن له، ووفق لهن زوجا طيبا، وكذلك الواقع أن الله -تعالى- يرزق من كان طيبا بامرأة طيبة، وأما من كان خبيثا فالغالب أنه يهوى من كان مثله في الخبث سواء كان الخبث خبث قول أو خبث عمل.
هذا قول: أن المراد النساء الخبيثات للخبيثين، أي يميلون إلى الخبيثين والخبيثون للخبيثات، وأما الرجال الطيبون يكونون أزواجا للطيبات، وأن الطيبات في النساء يكن أزواجا للطيبين.
هناك من يقول: إن الأمر أعم من ذلك، وأن الخبيثات، يعني الأعمال الخبيثة إنما تكثر من أهل الخبث، وأما الأعمال الطيبة إنما تكون من أهل الطيب الذين هم أهل الصلاح. يعني: الكلمات الطيبة تكثر من أهل الطيب، والكلمات الخبيثة تكثر من أهل الخبث، فهؤلاء الذين تكلموا بهذه الكلمات الخبيثة التي فيها الريب وفيها القذف وفيها الرمي تدل على أنهم خبيثون حيث صدرت منهم هذه الكلمات الخبيثة، وأما المؤمنون فإنه لا يصدر منهم إلا كلمات طيبة فلأجل ذلك قال -تعالى- لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ يعني المؤمنون لم يخوضوا في ذلك وقالوا: لا نظن إلا خيرا بهذا الرجل وبهذه المرأة، فهذا قول أهل الطيب، أن الطيبين ما تكلموا إلا بكلام طيب، وأنهم ما ظنوا إلا ظنا طيبا.
فلعل الآية عامة للرجال والنساء الطَّيِّبُونَ والطَّيِّبَات وَالْخَبِيثُونَ والْخَبِيثَات وعامة أيضا للأعمال وعامة للأقوال، أن الأعمال الطيبة تكون من أهل الطيب، ومن أهل العقيدة الطيبة والأعمال الطيبة، وكذلك الأقوال الطيبة تكون من أهل الطيب الذين لا ينطقون ولا يتكلمون إلا بكلام طيب، وأما الكلمات الخبيثة كالقذف والعيب وما أشبه ذلك؛ إنما تكون من أهل الخبث الذين عقائدهم وأعمالهم خبيثة، الآية محتملة، وفيها -كما ذكرنا- أقوال والله -تعالى- أعلم وصلى الله على محمد .

line-bottom