تفسير آيات الأحكام من سورة النور
هل تقبل شهادة القاذف إذا تاب
...............................................................................
أما قبول الشهادة؛ ففيه خلاف. هل تقبل شهادتهم إذا تابوا؟ أم لا تقبل؟. والراجح أنها تقبل على تفصيل في ذلك.
وفي ذلك قصة وقعت في عهد عمر اسم> ؛ في عهد عمر بن الخطاب اسم> رضي الله عنه، وذلك لأنه ولى المغيرة بن شعبة اسم> على الكوفة اسم> وكان بجواره قوم من الصحابة ومن التابعين، فلما ولاه عليها اتهمه بعض جيرانه بأنه زنا، واطلعوا عليه وإذا هو يطأ امرأة، فرأوه من نافذة فقالوا: إنه يجامع فلانة، واتفقوا على أنهم يرفعون بأمره؛ وهم أربعة، فلما وصلوا إلى عمر اسم> أحضر المغيرة اسم> وأحضرهم، وأخذ شهادتهم؛ فشهد منهم ثلاثة شهادة صريحة، ولما جاء الرابع توقف وقال: إني لا أجزم بذلك؛ ولكن رأيته فوق امرأة، ولا أدري من هي؟. فعند ذلك درأ عنه عمر اسم> الحد، لما توقف الرابع درأ عنه الحد، وأمر عمر اسم> بجلد الثلاثة، وكان منهم صحابي جليل؛ وهو أبو بكرة نفيع بن الحارث اسم> المشهور. فلما لم تتم الشهادة قال: المغيرة اسم> أقر عيني في هؤلاء الأبد..؛ فإني إنما وطئت امرأتي، خيل إليهم. فقال عمر اسم> اسكت، فوالله لو تمت شهادتهم لرجمناك، عند ذلك جلد الثلاثة.
أصر أبو بكرة اسم> على قوله، وصاروا لا يقبلون شهادته، وهجر أخاه من أمه الذي لم يشهد؛ وهو زياد بن عبيد اسم> وذلك قيل: إنه هجره؛ لأنه لم يجزم معهم بالشهادة مع أنهم جزموا، وقيل: إنه هجره لأمر آخر؛ وهو أنه ادعى أو وافق أنه ليس لأبيه؛ وذلك لأن أبا سفيان اسم> والد معاوية اسم> زعم أنه وطئ سمية التي هي أم أبي بكرة اسم> وأن زيادا اسم> هذا ولد له من الزنا في الجاهلية. فصدقه زياد اسم> وصار ينتمي إلى أبي سفيان اسم> ؛ لأنه رأى في ذلك رفعة حيث يكون أخا لمعاوية اسم> الذي هو خليفة؛ حتى عير بذلك، ونظم الشعراء في ذلك؛ حتى قال بعضهم يخاطب معاوية اسم>
أتسـخط أن يقـال أبــوك عـف؟ | وترضـى أن يقــال أبــوك زان؟ |
دعـي فـي الكتابــة يدعيهــا | كدعــوى آل حــرب فـي زياد اسم> |
.................................... | كدعــوى آل حــرب فـي زياد اسم> |
فالحاصل أن أبا بكرة اسم> أصر على قوله؛ فكانوا لا يقبلون شهادة؛ ولكن يقبلون أحاديثه.
أجمعوا على قبول الأحاديث التي رواها ويترضون عنه مع الصحابة؛ وذلك لأن عمر اسم> قال: من كذب منكم نفسه قبلنا شهادته، فكذب اثنان أنفسهما، وأما أبو بكرة اسم> فأصر. وعلى هذا فإن التائب إذا تاب من القذف، ثم كذب نفسه فالحد لا يسقط .
وأما الفسق ورد الشهادة، فيسقط بالتوبة. رسم> إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا قرآن> رسم> يعنى: ندموا وأصلحوا أعمالهم وبرءوا ذلك من تلك الاتهامات رسم> فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قرآن> رسم> ؛ رسم> فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قرآن> رسم> .
مسألة>