إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
67040 مشاهدة
معنى قوله تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ

...............................................................................


يقول الله تعالى: في هذه الآية وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وهذا أيضا تأديب للنساء المؤمنات ألا يبدين زينتهن إذا كانت الزينة خفية؛ ولكنها تلفت النظر.
من عادة النساء قديما لبس الخلاخل في الأرجل، وهي زينة تصنع من فضة أو من نحاس مجوفة، يجعل في جوف ذلك الخلخال حجارة صغيرة؛ فإذا مشت تحركت تلك الحجارة فظهر لها صوت يلفت الأنظار نحوها؛ فإذا مشت وعليها تلك الخلاخل التي قد أخفتها بلباسها؛ يعني سترتها بثيابها بالثوب أو بالمشلح ونحوه؛ فلا يجوز لها أن تضرب بالأرجل على الأرض ضربا قويا بحيث يطن ذلك الخلخال، ويظهر له صوته فيلفت الأنظار نحوها، بل عليها أن تمشي على الأرض هونا ليست تظهر الحركة.
إنما هذا الخلخال زينة خفية تبديه إذا احتاجت إلى ذلك أمام زوجها أو أمام نسائها ونحو ذلك، فأما أن تضرب برجلها فإن هذا من الزينة الخفية، جعله الله تعالى زينة -الخلخال- ويقال كذلك أيضا: إذا كان عليها خواتيم فلا تبديها، وإذا كان عليها أسورة يعني: على ذراعها الأسورة التي من الذهب ونحوه؛ فلا يجوز لها أن تظهر كفها وساعدها، وتحصر كم ثوبها حتى يظهر ذلك للرجال؛ فإنها مأمورة بستر ما تستطيعه من زينتها، ويكون هذا من الزينة الخفية.
كذلك إذا كان في عنقها قلائد أو ما يسمى بالرشارش؛ فهذا أيضا من الزينة عليها أن تستره، تستره بخمارها أو تستره بعباءتها، فلا تبديه إلا للزوج أو للنساء أو للمحارم ونحوهم. كل ذلك من باب الحفاظ عليها، وإبعادها عن أن تبتذل أمام الرجال.