إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
53938 مشاهدة
ثبوت حد الرجم

...............................................................................


فالحاصل أن هذا الجلد في هذه الآية خاص بالبكر؛ أي الذي لم يتزوج رجلا أو امرأة، لم يسبق أن تزوج، فيقتصر على جلده. وأما إذا كان قد تزوج زواجا شرعيا؛ الرجل أو المرأة فإن حده الرجم. جاء ذلك في السنة، وروي أيضا أنه كان من القرآن الذي نسخ لفظه وبقي حكمه.
ذكر ذلك في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب فقال: إني أخشى أن يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله تعالى فيضل بترك فريضة فرضها الله تعالى، وإن مما أنزل الله آية الرجم قرأناها وحدثناها وتلوناها، ثم نسخ لفظها. ذكر في بعض الروايات أنها بلفظ: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة هكذا روي لفظها.
ويمكن أن هذا بالمعنى؛ يعني أنه تحقق أن آية الرجم نزلت ولكن نسخ لفظها. وإذا لم يثبت ذلك فنتحقق أنه ثبت بالسنة؛ أي أنه جيء في الأحاديث الصحيحة، فإنه صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا الأسلمي ورجم امرأة يقال لها: الغامدية وأخرى يقال لها: المُزنية ورجم أو أمر برجم صاحبة العسيف.

ورجم يهوديين وذلك لأنه زنى رجل وامرأة من اليهود، فقالوا: نسأل هذا النبي فإن أفتانا بالرجم لم نقبل منه، وإن أفتانا بالجلد والتحميم قبلناه واحتججنا به عند الله، وقلنا: أفتانا في ذلك نبي. نزل في ذلك قوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا إن أوتيتم الجلد فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا .
النبي عليه الصلاة والسلام عرف حيلتهم فقال لهم: ما تجدون في التوراة عندكم؟ فقالوا: الجلد والتحميم أو نجلدهما ونفضحهما كان عنده عبد الله بن سلام وكان من علمائهم ولكنه أسلم، فقال: كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فجاءوا بها فنشروها فوضع رجل الذي يقرأ إصبعه أو يده على آية الرجم وقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم. فقالوا: صدقت يا محمد ففيها الرجم، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإحضار الزانيين ثم قال: أين الشهود؟ فشهد أربعة، أنهم رأوا ذكره في فرجها، فأمر بهما فرجما وقال: اللهم إني أول من أحيا شيئا كانوا قد أماتوه سألهم ما السبب في أنكم بدلتم؟ فقالوا: كثُر الزنا في أشرافنا، فزنى رجل من الأشراف، فمنعه قومه أن يقام عليه الحد الذي هو الرجم. ثم زنى آخر من أطراف الناس، فأردنا أن نقيم عليه الحد فقال أقاربه: لا يقام عليه الحد حتى يقام على فلان الذي قبله. يقولون: فاصطلحنا على أمر يقام على الشريف والطريد وهو أنهم يحممون وجوههم بالسواد، ويركبونهما على برذون متعانقين، ويطوفون بهما بين الناس.
ويقولون: هؤلاء زانيان؛ فيكون في ذلك فضيحة لهما. فهكذا اصطلحوا على تبديل حكم الله تعالى بهذا الحد الذي اقترحوه، والذي افتروه وأضافوه إلى الشريعة، وإلا فإن الرجم موجود عندهم، في التوراة وفي الإنجيل وفي كتبهم. فالحاصل أن الرجم موجود في الكتب السابقة، وأنه نزل في هذه الشريعة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عمل به فِعلا؛ حيث رجم الأسلمي والغامدية والجهنية وصاحبة العسيف واليهوديين.