إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
75967 مشاهدة print word pdf
line-top
استئذان الرجل في بيته

...............................................................................


قوله تعالى: لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ كلمة غَيْرَ بُيُوتِكُمْ يفيد: أن هذا خاص ببيوت الآخرين؛ كبيوت الأقارب وبيوت الأباعد، وبيوت الأصدقاء وما أشبه ذلك. فأما بيت الإنسان نفسه فإن له أن يدخله كما يشاء؛ ومع ذلك فإن عليه أن ينبه. العادة أنه يملك بيته وأنه لا يحتاج إلى أن يطرق الباب، وأن غالبا معه من المفاتيح ما يفتح الأبواب ويدخل إلى أقصى الدار، وليس أحد يخفى عليه من الدار من بيته شيئا، ولكن ينبغي أيضا أن يتكلم وأن ينبه على وصوله وعلى دخوله.
ورد: أن رجلا قال: يا رسول الله ليس معي في بيتي إلا أمي، وأنا الذي أفتح وأدخل، فهل علي أن أتكلم قبل الدخول؟ قال: نعم. قال: إنها أمي! كيف أتكلم وهي ليست إلا أمي وليست تحتجب عني؟! فقال -صلى الله عليه وسلم- أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال: فتكلم؛ يعني ولو كانت أمك، ولو كانت ابنتك، ولو كان فيه بناتك أو أخواتك أو محارمك؛ فقد تكون إحداهن متكشفة تكشفا لا تحب أن أحدا يدخل عليها فجأة في تلك الحال؛ فلذلك يتكلم من يريد أن يدخل، وينبه من أمامه من النساء ونحوهم.
فإذا دخل مثلا بسكون وسكوت فقد يقال: إنه يلتمس العثرات أو ينظر في الفجوات أو يتخلل الغفلات، فمثل هذا قد يرى ما يسوءه؛ فلأجل ذلك عليه أن يتكلم؛ فقد يرى امرأته على شيء لا تحب أن يراها عليه: إما مثلا عريانة أو عليها لباس لا يرغبه أو مظهرها.. يدوية لا تحب أن يطلع عليها أحد، وكذلك لو كانت أمه أو أخته أو نحوهم، فكل ذلك الذي يتحين الغفلات؛ قد يرى ما يسوءه؛ فيسبب ذلك كراهية ونفرة من امرأته مثلا وبغضا وكراهية يحصل بسبب ذلك.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المسافر أن يأتي أهله بغتة؛ فإنه قد يرى أن امرأته التي هي زوجته على حالة منفرة؛ لذلك قال: لا تدخلوا حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة فكذلك دخول الإنسان فجأة على أهله دون أن يتكلم. أما إذا تكلم فإنه يأذنون له عادة ويعرفونه.

line-bottom