تفسير آيات الأحكام من سورة النور
الحكم على القاذف بالفسق
...............................................................................
وأما العقوبة الثالثة: قوله: رسم> وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ قرآن> رسم> أي: يحكم عليهم بالفسق، والفسق هو الخروج عن الطاعة؛ بمعنى: أنه يحكم عليهم بأنهم اقترفوا ذنبا وعملوا سوءا، واتهموا من ليس بمتهم؛ فيكون هذا حكما عليهم بالفسوق. ومعلوم أن الفسوق يتفاوت حكمه، فقد يكون الفسوق خروجا من الإسلام مستحقا أهله النار؛ قال الله تعالى : رسم> وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ قرآن> رسم> وقد يكون الفسوق ذنبا؛ كقوله تعالى : رسم> وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ قرآن> رسم> وكقوله: رسم> وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فإنهُّ فُسُوقٌ بِكُمْ قرآن> رسم> .
فالفسق في الأصل: هو الخروج عن الاستقامة، وكل ذنب يطلق على صاحبه أنه فاسق؛ أنه قد فسق؛ ومنه قوله تعالى : رسم> ذَلِكُمْ فِسْقٌ قرآن> رسم> ؛ يعني: فعل شيء منالهفوات وشيء من المحرمات، أو تعاطي ما نهي عنه. لما ذكر الله تعالى المحرمات في سورة المائدة ختمها بقوله تعالى: رسم> وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ قرآن> رسم> أخبر بأن هذا فسق.
وكذلك عد ما ذبح لغير الله فسقا؛ في قول الله تعالى: رسم> قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ قرآن> رسم> فجعل الذبح لغير الله من الفسق؛ فيكون الفسق شركا، ويكون ذنبا، فالغالب أنه في الأصل ذنب: رسم> وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ قرآن> رسم> ؛ أي: أنهم أذنبوا ذنبا ، ثم قال تعالى بعد ذلك: رسم> إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا قرآن> رسم> إذا تابوا فإنهم يبرءون من سمة الفسق.
واتفقوا على أنه لا يسقط عنهم الحد بالتوبة؛ إذا قذفوا وأصروا على القذف؛ فإنهم بعد ذلك يحكم عليهم بالحد الذي هو الجلد. فلو قالوا: تبنا وندمنا؛ لا يسقط عنهم الحد.
مسألة>