لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
85418 مشاهدة print word pdf
line-top
سبب نزول قوله تعالى: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى

...............................................................................


أما قوله -تعالى- وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فذكرنا أنها نزلت في أبي بكر والمعنى لا يأتل: أي لا يحلف وكان أبو بكر قد حلف أن لا ينفق على مسطح ولما نزلت كفر عن حلفه، وأعاد إليه النفقة التي كان ينفقها وذلك لأن مسطح كان من المستضعفين، ليس عنده مال ولا يقدر على كسب، وليس له قدرة على التكسب، وصفهم الله تعالى هو وأمثاله وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى كان له قرابة من أبي بكر كأنه ابن خالته أو نحو ذلك، أولو القربى والمساكين، كان أيضا من المساكين المستضعفين والمهاجرين، كان من الذين هاجروا من مكة إلى المدينة فله ثلاثة حقوق: حق القرابة وحق المسكنة وحق الهجرة.
فحق القرابة قد يكون خاصا بأبي بكر وحق الهجرة وحق المسكنة عليه وعلى غيره، جميع المسلمين من المهاجرين والأنصار -جميعهم- يرفقون ويرحمون المساكين والمهاجرين، يعلمون أن المساكين لهم حق المسكنة على إخوانهم الذين أعطاهم الله -تعالى- خيرا، وأغناهم من فضله وخولهم وسددهم، وأنعم عليهم سواء كان من المتقدمين كالأنصار الذين عندهم أموال وفائض خير، أو أنهم من المهاجرين الذين يسر الله -تعالى- لهم أسباب الرزق.

line-bottom