تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
62125 مشاهدة
الرد على من قال بخلق القرآن

...............................................................................


قال بعض العلماء: إن الله ذكر القرآن في أكثر من خمسين موضعا، ولم يذكر أنه مخلوق، وذكر الإنسان في سبعة عشر موضعا أي على الثلث، وصرح فيها بأنه مخلوق. من ذلك قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ .
انظر كيف فرق عَلَّمَ الْقُرْآنَ ما قال: خلق القرآن عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ طريقة المعتزلة أن الخلق بمعنى أنه مخلوق. منهم الزمخشري صاحب التفسير المشهور بالكشاف. ذكروا أنه ابتدأ كتابه بقوله: الحمد لله الذي خلق القرآن؛ فقال له بعض تلاميذه: إنك بذلك تنفر الناس عن قبوله، فغيَّر الكلمة وصححها بقوله: الحمد لله الذي جعل القرآن، وكلمة جعل عندهم بمعنى خلق، يستدلون بقوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وقد بين العلماء أن الجعل ليس بمعنى الخلق دائمًا، وإنما معناه التصيير كقوله تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا وقوله تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا فليس معنى جعلوا له يعني: خلقوا له، فالله تعالى أخبر بقوله: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا يعني: إنا صيرناه قرآنا، وليس معناه: أنا خلقناه.
هذه عقيدة المعتزلة، ولم ينقرضوا، بل لا يزالون موجودين بكثرة، وقد ألف مفتي عمان الذي يُقال له أحمد بن محمد الخليلي كتابا وسماه الحق الدامغ، وتكلم فيه على القرآن، وادعى أنه مخلوق، فهو يقدس هناك في عمان منهم وله مكانة عندهم، وهذه عقيدته، وقد كان السلف -رحمهم الله- يكفرون من يقول: إن القرآن مخلوق؛ وذلك لأنهم يطعنون في الله تعالى، ويصفونه بأنه لا يتكلم، ومعلوم أن نفي الكلام يعتبر نقصا، فإن الذي لا يتكلم ناقص، ولو أنه غير قابل، فالإنسان الناطق أكمل من الحيوان البهيم.
وكذلك أيضا إذا شبهوه بأنه غير قابل، فقد شبهوه بالصخر وبالجدار وبالأرض وبالجمادات، ولا شك أن هذا تنقص لله تعالى.
كذلك أيضا هناك الأشاعرة وما أكثرهم. هم الذين انتشروا في البلاد، وتمكنوا في القرون الوسطى. عقيدتهم أن القرآن ليس هو كلام الله، وإنما هو عبارة أو حكاية عن كلام الله، وليس هو عين كلام الله، إنما هو عبارة، وأن الله يتكلم الكلام النفسي يعني أن الكلام كلام نفسي ليس هو كلام حقيقيا، فعلى هذا يصح أن يقولوا: إن هذا القرآن ليس هو كلام الله، وإنما هو ترجمة، بمعنى أن كلام الله شيء في نفسه، وأن جبريل هو الذي ترجم به أو أن محمدا هو الذي ترجمه إلى هذه اللغة، فينفون أن يكون الله تعالى تكلم به كلاما حقيقيا. ينفون أن كلام الله هو هذا القرآن، بل إنما هو مترجم عنه.
ولا شك أن هذا أيضا إبطال لهذه الصفة التي هي صفة كمال صفة الكلام صفة كمال. هم يعترفون بأن الله يتكلم، ولكن مع الأسف لا يُثبتون الكلام الحقيقي، وإنما يُثبتون يقولون: إن كلام الله فيض فاض على الذات، وليس هو بمسموع؛ وذلك لأنهم دخلت فيهم شُبهة المعتزلة؛ أن الكلام إنما يكون بما يسمع، أو أن الكلام إنما يكون ما يظهر من اللهوات، وما أشبه ذلك، وأهل السنة يقولون: إنه كلام الله، ويقول بعض الشعراء:
بل إنـه عين الكـلام أتى بـه
جبريل ينسخ حكم كل كتاب
ويقول المباركفوري:
قالوا: فما القرآن؟ قلت: كلامه
لا ريب فيـه عند كل موحد
هذا هو قول أهل السنة؛ أن القرآن كلام الله كلاما حقيقيا، وأنه الكريم المنزل؛ منزل من ربك بالحق قال تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فدل على أنه منزل من الله تعالى، وأنه هو الذي تكلم به، وأسمعه من شاء من عباده؛ كما أخبر بأنه يُسمع كلامه من يشاء من خلقه كما يشاء، يقول بعد ذلك شيخ الإسلام في هذه القصيدة:
وأقـول قـال الله جـل جلالـه
.............................
يعني: يعترف بأنه يقول؛ قال الله جل جلاله، والمصطفى
............................
وأصونه عن كل ما يتـــأول