إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
فتاوى الصيام
143968 مشاهدة
تهاون أكثر الناس في سنة الاعتكاف

س134: هنالك سنة قد تهاون فيها أكثر الناس ألا وهي سنة الاعتكاف فما توجيهكم؟ وما شروط الاعتكاف ؟ وما يجوز وما لا يجوز؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف ؟ وأين يكون؟
الجواب: الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله، وهو سنة مؤكدة في كل زمان، ويتأكد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده وروى البخاري عن أبي هريرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما .
قال ابن رجب في اللطائف: وإنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في هذه العشر قطعا لأشغاله، وتفريغا لباله، وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه، وكان يحتجر حجرا يتخلى فيها عن الناس.
ولهذا ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكِف لا يستحب له مخالطة الناس حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له الانفراد بنفسه وهو الخلوة الشرعية لهذه الأمة؛ وإنما كان في المساجد لئلا يترك به الجمعة والجماعات، فالمعتكِف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه.
فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكلية على كل حال .
ولا يصح الاعتكاف إلا بشروط:
1- النية: لحديث: إنما الأعمال بالنيات .. .
2- أن يكون في مسجد؛ لقوله -تعالى- وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [سورة البقرة، الآية: 187]. وكان -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في مسجده.
3- أن يكون ذلك المسجد مما تقام فيه صلاة الجماعة؛ حتى لا يتكرر خروجه لكل وقت مما ينافي الاعتكاف.
ولا يخرج المعتكف إلا لما لا بد له منه، ولا يعود مريضا ولا يشهد جنازة، ويحرم عليه مباشرة زوجته، ويستحب اشتغاله بالقربات واجتناب ما لا يعنيه، وله أن يتحدث مع من يزوره، وله أن يتنظف ويتطيب ويخرج لقضاء حاجة وطهارة وأكل وشرب إذا لم يجد من يأتيه بهما.
وأما المرأة فالأفضل في حقها البقاء في بيتها، والقيام بخدمة زوجها وولدها ولا يشغلها ذلك عن عبادة ربها، ولأن خروجها مظنة الفتنة بها، وفي انفرادها ما يعرضها للفسقة وأهل الفساد، ولكن إن أمنت هذه المفاسد، وكانت كبيرة السن، وكان المسجد قريبا من أهلها ومحارمها؛ جاز لها الاعتكاف فيه، وعلى ذلك يحمل اعتكاف زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده لقربهن من المسجد.
وبالجملة لا يصح اعتكافها في مسجد بيتها وهو مصلاها فيه، ويصح في كل مسجد ولو لم يكن فيه جماعة مستمرة، ويكره خروجها وانفرادها محافظة على نفسها. والله أعلم.