إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
فتاوى الصيام
130206 مشاهدة
الارتحال لحضور الختمة في أحد الحرمين

س187: ما حكم الارتحال لحضور الختمة في أحد الحرمين ؛ لأننا نرى أن كثيرا من الناس لا يصلي التراويح ولا القيام، فإذا جاء وقت الختمة توافدوا بأعداد هائلة؟ ومما هو ملاحظ أنه قد رسخ لدى بعض الناس أن ليلة الختمة ليلة مميزة، فيقع تعظيمها والتفرغ لها، والإكثار من العبادة فيها، حتى أن بعضهم ربما حرص بعد الانتهاء من ختمة القرآن مع الإمام أن يذهب إلى مسجد آخر ليشهد ختمة الإمام الأخرى، فما موافقة ذلك للسنة؟
الجواب: إذا عُرف أن الدعاء عند الختمة مشروع وأنه كان معروفا عند السلف، وعلم أنهم كانوا يحضرون القارئ عند ختمه للقرآن ويؤمنون على دعائه؛ فإن الحضور المذكور سنة وفضيلة حيث كان الداعي من أهل الفضل والدين والصلاح ممن يرجى إجابة دعائه، وحيث إن الموضوع له فضله وشرفه ومضاعفة الأعمال فيه وكونه مظنة القبول، وحيث يؤمِّن عليه الجمع الغفير من المصلين من رجال ونساء وكبار وصغار ولكن يكون القصد من السفر الصلاة في الحرمين وأداء النسك، أو الاعتكاف، أو الإكثار من نوافل الصلاة فيهما، والمحافظة على صلاة الجماعة، ويكون حضور دعاء الختم تابعا لذلك، فأما من لا يصلي في رمضان التراويح ولا يقوم ليالي العشر، وإنما يحضر دعاء الختم أو يسافر لأجله؛ فإنه قليل الحظ من حصول المغفرة والعتق من النار.
وأما تخصيص ليلة معينة لختم القرآن فلا حاجة إلى ذلك، بل يختم القرآن متى أتم قراءته المعتادة، لكن ورد عن بعض السلف أنه ختم ليلة سبع وعشرين، ذكره ابن رجب في (لطائف المعارف)، ولعل ذلك من باب التحري؛ لكونها أرجى أن تكون ليلة القدر، ولما ورد فيها من الفضل، وإجابة الدعاء عن كثير من السلف، كما ذكر ابن رجب عن جماعة من العبَّاد دعوا الله في تلك الليلة فأجيب دعاؤهم، ولعله اقترن به ما صار سببا لقبوله، ويمكن أن ختمهم في تلك الليلة من باب المصادفة ولم يكن عن قصدها لذاتها.
وبكل حال فيحسن تحرّي الليالي اللاتي يرجى فيهن إجابة الدعاء بعد ختم القرآن أو غيره، كأوتار العشر الأواخر من رمضان، فأما من اعتقد أن تلك الليلة -التي حصلت فيها الختمة- لها مزية أو شرف فليس كذلك، فإن الختم يختلف فيه الأئمة؛ حيث إن بعضهم يختم أول العشر، وبعضهم آخرها.
فأما الحرص على حضور الختمة مع أكثر من إمام فيسن ذلك، كما نقل عن مجاهد وغيره أن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن، وأن الرحمة تنزل عنده، لكن إذا فوت على الإنسان وقتا أو صلوات بعض الليالي لم يشرع ذلك. فإن الذي يسافر إلى مكة ثم إلى المدينة ثم يرجع إلى بلده يفوته في هذه المدة صلاة بعض الليالي، وإن كان قصده حسنا، لكن السفر ليس ضروريا والأعمال بالنيات، ولا ينبغي فعل ما ينكره عوام الناس وخواصهم، ولم يكن عليه عمل الأمة ولا دليل على مشروعيته، سواء من هذه الأمور أو غيرها. والله أعلم.