الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
فتاوى الصيام
182616 مشاهدة print word pdf
line-top
القضاء عند القدرة

س152: امرأة مصابة بمرض القلب والسكر، وقد نصحها الأطباء بعدم الصوم؛ لأن ذلك يؤثر على صحتها، إلا أنها في العام الماضي صامت وتصوم هذا العام، غير أنها تنام معظم النهار، فقط تؤدي الصلاة وتعود للنوم، وبهذه الحال لا يبدو أثر المرض واضحا، فهل صيامها صحيح؛ علما أنها صامت في العام الماضي وجاءتها الدورة الشهرية خمسة أيام فأفطرتها وكفرت عنها؟
الجواب: متى كان المريض يشق عليه الصوم أو يزيد في مرضه، أو يتأخر البرء مع الصيام؛ جاز له الإفطار، وهو أفضل من الصوم، وعليه القضاء عند القدرة؛ لقوله -تعالى- وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [سورة البقرة، الآية 185].
ومتى قرر طبيبان مسلمان معروفان بالإصابة أن هذا المرض يشق معه الصوم جاز للمريض الإفطار، لكن إن قدر على الصوم مع الراحة أو النوم كما تفعل هذه المرأة بحيث لا يظهر تأثير المرض لم يجز الإفطار، إلا أن يخشى استمرار هذا المرض أو اشتداده فحينئذ تفطر هذه المرأة وتأخذ برخصة الله، فإن قدرت على القضاء لزمها عند خفة المرض أو عند قصر النهار كما في الشتاء، فإن لم تستطع أُطعم عنها لكل يوم مسكين مُـدّ بر أو نصف صاع من تمر أو غيره، وهكذا تفعل في الأيام التي أفطرتها في العام الماضي لأجل الحيض.

line-bottom