فتاوى الصيام
حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر
س17: إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم أو قتر رأس> فهل يجب صيام الثلاثين من شعبان، أم أنه لا يجوز لدخوله في النهي عن صوم يوم الشك؟
سؤال> الجواب: هذه مسألة خلافية، طال الخلاف فيها بين العلماء، وألفت فيها المؤلفات، وانتصر فيها كل لمذهبه، وللإمام أحمد اسم> -رحمه الله- فيها روايات:
القول الأول في المسألة:
نصره صاحب زاد المستقنع وغيره، أنه إذا لم يُر الهلال ليلة الثلاثين، وحال بينهم وبينه غيم أو قتر، فيجب أن يصبحوا صياما. واستدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة منها:
1- عن عائشة اسم> -رضي الله عنها- قالت: رسم> لَأَنْ أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان متن_ح> رسم> وكانت تصومه احتياطا.
وهؤلاء يقولون: إن هذا اليوم مشكوك فيه، فربما كان قد أهلّ ولم نره؛ لحيلولة هذا السحاب وهذا القتر دونه، وحيث إنه محتمل فإنا نصومه حتى نحتاط لديننا ولا نفطر يوما من رمضان.
2- استدلوا أيضا بحديث رواه مالك، اسم> عن نافع، اسم> عن ابن عمر اسم> في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له متن_ح> رسم> .
قالوا: إن معنى اقدروا له؛ أي أعطوه أقل تقدير، فاقدروا أن شعبان (29) يوما، ثم صوموا، وقالوا إن إتيان القدر بمعنى التضييق وارد في القرآن أيضا، قال تعالى: رسم> وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ قرآن> رسم> [الطلاق: 7]. آية> قوله: رسم> قُدِرَ عَلَيْهِ قرآن> رسم> ؛ أي ضيق عليه، وقال تعالى: رسم> وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ قرآن> رسم> [الفجر: 16]. آية>
قالوا: وهذا دليل على أن معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- اقدروا له أي ضيقوا له واجعلوه أقل تقدير.
3- واستدلوا أيضا بفعل ابن عمر اسم> راوي الحديث، قالوا: إن ابن عمر اسم> كان يفعل ذلك، فإذا كانت ليلة ثلاثين من شعبان بعث من ينظر إليه، فإن كانت السماء صحوا ولم يَرَ الهلال أصبح مفطرا، وإن كان بها غيم أو قتر ولم ير الهلال ليلة الثلاثين أصبح صائما، وهذا تفسير منه -رضي الله عنه- للحديث، والراوي أعلم بما روى.
هكذا استدل الفقهاء الذين قالوا: يجب صوم ليلة الثلاثين إذا كان دون منظره غيم أو قتر.
القول الثاني:
وهو مذهب الجمهور، ورواية عن الإمام أحمد، اسم> أنه لا يصام ليلة الثلاثين. واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
1- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورد عنه النهي عن صلة رمضان بغيره، فقد ثبت في الصحيحين قوله: رسم> لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون صوم أحدكم فليصمه متن_ح> رسم> .
2- واستدلوا أيضا بالأحاديث التي فيها الأمر بإكمال العدة، منها قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان متن_ح> رسم> وقال -صلى الله عليه وسلم- في رمضان: رسم> فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين متن_ح> رسم> .
3- أننا إذا صمنا ذلك اليوم، وهو يوم الثلاثين صمنا مع الشك، فدخلنا فيمن صام يوم الشك المنهي عنه في حديث عمار اسم> -رضي الله عنه- قال: رسم> من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم اسم> صلى الله عليه وسلم متن_ح> رسم> .
4- أن قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له متن_ح> رسم> -وهو الحديث الذي استدل به أصحاب القول الأول- أتى مفسَّرا في بعض الروايات؛ فقد ورد في رواية: رسم> فاقدروا له ثلاثين متن_ح> رسم> ؛ فيكون معنى: اقدروا له أعطوه قدره المعتاد أو الأكثر وهو ثلاثين يوما.
القول الثالث:
وهو رواية أيضا عن الإمام أحمد اسم> -رحمه الله- إن صام الإمام صام الناس معه، سواء اعتمدوا على الحساب أو على الرؤية، وإن لم يصم فلا يصام؛ لأنه ورد في أحاديث قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون متن_ح> رسم> وفي حديث آخر: رسم> والحج يوم يحج الناس رسم> ؛ فجعل الأمر منوطا بما عليه أهل البلد، فإذا اتفق أهل البلد على الصيام فإنهم يصومون جميعا، وهكذا على الفطر، وهكذا الحج وغيرها.
الراجح: القول الثاني، وهو قول الجمهور ورواية عن الإمام أحمد اسم> -رحمه الله- أنه لا يصام مع الغيم؛ لصراحة الأحاديث وكثرتها.
مسألة>