إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
فتاوى الصيام
148327 مشاهدة
حكم القنوت

س190: ما حكم القنوت ؟ وما صفته وموضعه؟ وهل السنة في دعاء القنوت فعله كل ليلة أم يفعله في بعض الليالي؟ وهل يلزم التقيد بالمأثور من الدعاء؟ وهل يدعو بصيغة الجمع أم يتقيد بالصيغة المأثورة؟ وما قولكم في مسألة التغني في الدعاء كهيئة أدائه لقراءة القرآن؟
الجواب: المنصوص والمختار عن الإمام أحمد وكثير من العلماء أن القنوت مسنون في الركعة الأخيرة في الوتر في جميع السنة، قال في المغني: قال أحمد في رواية المروزي: كنت أذهب إلى أنه في النصف من شهر رمضان، ثم إني قلت: هو دعاء وخير، ووجهه ما روي عن أبي: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يوتر فيقنت قبل الركوع .
وعن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك... إلخ و(كان) للدوام؛ ولأنه وتر فيشرع فيه القنوت، ولأنه ذِكر يشرع في الوتر، فيشرع في جميع السنة كسائر الأذكار، وقد روي عن أحمد أنه لا يقنت إلا في النصف الأخير من رمضان، واختاره بعض الأصحاب، وهو مذهب مالك والشافعي، ومنه يعلم أنه يستحب ترك القنوت أحيانا حتى لا يعتقد العامة وجوبه.
وأما الدعاء فيه يدعو بما روى الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت... إلى قوله: تباركت ربنا وتعاليت وبما روى علي، وهو قوله: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك إلخ. وبسورتي أبي الأولى: اللهم إنا نستعينك ونستهديك إلخ. والثانية: اللهم إياك نعبد.
حيث كان عمر -رضي الله عنه- يقنت بهما، ويزيد بقوله: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك. ومنه يعلم جواز الزيادة بما يناسب الحال، مع اختيار الأدعية المأثورة الجامعة، لكن لا تنبغي الإطالة الزائدة التي توقع المأمومين في الملل والضجر.
وإذا كان الدعاء يؤمّن عليه كان بلفظ الجمع، وقد يفضل لفظ الجمع ولو دعا الإنسان وحده، وأما التغني والتلحين الذي يخرج الدعاء عن حد كونه دعاء خشوع وإنابة فلا يجوز؛ فإن المطلوب عند الدعاء انكسار القلب وإظهار التواضع والخشوع، وذلك أقرب إلى قبول الدعاء. والله أعلم.