اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
39860 مشاهدة
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد فقد كنت كتبت أسئلة وأجوبتها على لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد لابن قدامة الحنبلي -رحمه الله- وألقيت تلك الأسئلة على طلاب المعاهد العلمية، وقد بقيت عندي هذه الأجوبة هذه السنين، فرغب إليّ بعض الشباب أن يطبعها رجاء أن يستفاد منها، فأذنت له في ذلك، ولم أتمكن من التعليق عليها مع مسيس الحاجة إلى ذلك، وهذه الأجوبة تناسب مستوى التلاميذ الذين كتبت لهم؛ حيث لم أتوسع في النقول والإيضاح للمعاني، وذكر أقوال الطوائف الأخرى ومناقشة شبههم، والإكثار من سرد النصوص السمعية والأدلة العقلية، فإن ذلك يستدعي طولا مملا لا تتحمله مقدرات أولئك التلاميذ.
وقد حرصت على إيضاح المفردات التي في المتن، وكذا بيان المعنى الذي تدل عليه الجملة مع الاختصار، وخرّجت الأحاديث التي يستشهد بها المؤلف دون توسع، وقد استشهدت بأحاديث لم أخرّجها، وكذا ذكرت في التعليق جملا كثيرة مستندها بعض الأحاديث أو الآثار، لكن لم أبحث عن درجتها، وإنما هي من الأحاديث أو النقول المتداولة في الكتب وعلى الألسن، والاشتغال بتخريجها مما يطول به التعليق ولا مناسبة له في ذلك الأوان والاشتغال، ولعله يتيسر لنا بعد حين أن نخرّج ما نقدر عليه من تلك الأخبار؛ ليطمئن القارئ إلى صحة الاستدلال بها، وإن كان أصل الدليل مشهورا مقطوعا به كما هو المعلوم في أمور العقائد التي تعتمد الأدلة القطعية من الآيات وصحيح الأخبار وإن كانت آحادًا مما تلقته الأمة بالقبول وتقبله السلف الصالح والصدر الأول من هذه الأمة ولا عبرة بمن رده أو تأوله وحرفه من المتأخرين الذين تأثروا بشبهات المبتدعة وضلوا عن سواء السبيل والله أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.