الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
68896 مشاهدة print word pdf
line-top
صفة الرضا والمحبة والغضب والسخط والكراهية

ص وقوله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [المائدة]، وقوله يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة] وقوله في الكفار غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [الفتح] وقوله اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ [محمد] وقوله كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ [التوبة] .


س25 (أ) بين ما في هذه الآيات من المعاني . (ب) وما نوع الصفات التي تؤخذ منها . (ج) وكيف يرد على من أنكرها ؟
جـ 25 (أ) في هذه الآيات دلاله على أن الأعمال الصالحة سبب للسعادة، والحصول على رضا الله ومحبته التي تسبب الفلاح والفوز، وأن الأعمال السيئة سبب للشقاوة التي علامتها سخط الله وغضبه ؛ وفيه إثبات العلل، وارتباط الأسباب بالمسببات، وقد أنكر بعض الطوائف الارتباط بين العمل والجزاء .
(ب) وفي الآيات إثبات بعض الصفات الفعلية التي يفعلها الله بمشيئته، كصفة الرضى، والغضب، والمحبة، والكراهة، والسخط، فنثبت ذلك لله كما أثبته لنفسه ونفوض إليه العلم بكيفيتها .
(ج) وأنكر ذلك النفاة من المعتزلة والأشاعرة ونحوهم، قالوا: لأن المحبة رقة في القلب، تستدعي الميل إلى المحبوب، ولأن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، وهذه الأحوال إنما تناسب المخلوق ؛ وتأولوا الرضى والمحبة بالإكرام، والنصر، والثواب، وتأولوا الغضب والكراهة والسخط، بأنه العقاب، ونحو ذلك مما هو صرف للقرآن والسنة عما هو المتبادر منهما إلى أفهام المخاطبين .

line-bottom