جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
55537 مشاهدة
الكلام على الاختلاف في الفروع

ص (وأما النسبة إلى إمام في الفروع كالطوائف الأربع فليس بمذموم، فإن الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة؛ نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة، ويحيينا على الإسلام والسنة، ويجعلنا ممن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات، برحمته وفضله آمين. وهذا آخر المعتقد، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما).


س 62 (أ) ما حكم الانتساب إلى الأئمة الأربعة (ب) وما الفروع. (ج) وما المراد بالطوائف الأربع. (د) وما سبب اختلافهم. (هـ) وكيف يكون اختلافهم رحمة. (و) وما معنى كون اتفاقهم حجة؟
ج 62 (أ) الأئمة هم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ويلحق بهم أمثالهم من أجلاء العلماء، كالأوزاعي والثوري والليث وإسحاق فيجوز اتباع مذاهبهم في الفروع، للعاجز عن معرفة الأدلة، أو عن الترجيح بينها، ومتى ظهر لأحد الدليل، ولم يجد ما يعارضه صريحا، وجب اتباعه، ولو خالفه الإمام المتبع، وحرم الإصرار على التقليد، والتعصب لخلاف الدليل.
(ب) والفروع هي أدلة الأعمال البدنية والمالية التي يخفي الدليل أو الراجح في بعضها أحيانا، كالقراءة خلف الإمام، والجهر بالبسملة، والعدد للجمعة، وزكاة الحلي، وعلة الربا، ونحوها. أما الأصول وهي العقائد فلا يجوز فيها التقليد لوضوح الأدلة.
(ب) والطوائف الأربع هي الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
(د) وسبب الاختلاف سعة الأدلة، وقصور الأفهام عن بعضها، فمنهم من لا يبلغه الدليل، أولا يصح عنده، أو يفهم منه غير المراد فيفتى باجتهاده، أو يلحق بعض المسائل بما يقاربها حيث لم يبلغه الدليل.
(هـ) ومعنى كون الاختلاف رحمة ومحمودا ما فيه من التوسعة، ونفي الحرج، حيث لم يكلف كل فرد بالعمل بما هو الصواب في نفس الأمر، وليس كثرة الاختلاف رحمة في نفسه، لما يقع بسببه من التعصب والمنافسة، ولكن وقوعه من باب العذر للعباد.
(و) وأما اتفاق الأئمة على حكم أو مسألة فهو حجة قاطعة، فإن الأمة معصومة أن تجتمع على خطأ؛ والإجماع هو الدليل الثالث من أصول الأدلة، يحتج به كما يحتج بالآيات والأحاديث، والغالب أن الإجماع لا بد له من دليل قطعي من الكتاب والسنة.
وهذا آخر ما يتعلق بهذه الأسئلة على لمعة الاعتقاد،
والله أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم..
في 15\ 1\ 1393 هـ .