التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
([فصل] في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة)
ص (والمؤمنون يرون الله تعالى في الآخرة بأبصارهم، ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه، قال الله تعالى: رسم> وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قرآن> رسم> [القيامة]- وقال رسم> كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ قرآن> رسم> [المطففين]- فلما حجب أولئك في حال السخط، دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضى، وإلا لم يكن بينهما فرق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته متن_ح> رسم> حديث صحيح متفق عليه. حديث> وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير).
س 37 (أ) ما تقول في رؤية الله تعالى رأس> (ب) ومتى تكون. (ج) ومن الذي يراه. (د) وهل هي بصرية أو قلبية. (هـ) وبين الأدلة على ذلك مع إيضاح دلالتها. (و) وما معنى: لا تضامون؟ (ز) وما الجواب عن أدلة منكري الرؤية؟
سؤال> ج 37 (أ) اتفق السلف وأهل السنة من الخلف على إثبات رؤية الله تعالى، رؤية حقيقية عيانا بالأبصار، مع تنزيه الرب تعالى عن مشابهة الخلق في شيء من خصائصهم وصفاتهم.
(ب) وهذه الرؤية تكون في يوم القيامة، وفي الجنة كما يشاء الرب سبحانه.
(ج) وتكون في الموقف للمؤمنين ومن معهم ممن يظهر الإيمان، ففي حديث أبي سعيد اسم> المتفق عليه حديث> يقول عليه السلام: رسم> هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، قالوا: لا. قال: هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترون ربكم كذلك متن_ح> رسم> ثم ذكر أنه يتبع كل أحد ما يعبده، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله فيقول: ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا، فيقول: أنا ربكم فإذا رأوه خروا سجدا، ثم ذكر أن المنافق- الذي كان يسجد رياء- لا يستطيع السجود. وقد ذكر هذا في قوله تعالى رسم> يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ قرآن> رسم> [القلم].
وتكون الرؤية في الجنة خاصة بالمؤمنين، فمنهم من ينظر إلى الله تعالى بكرة وعشيا، ومنهم من يزوره ويراه في مثل يوم الجمعة، ويسمى يوم المزيد، فالرؤية من أعلى نعيم أهل الجنة، فلهذا عوقب الكفار بالحجاب عن ربهم.
(د) ثم هي رؤية بالأبصار حقيقة، كما نطقت بذلك السنة، وأوضحه القرآن.
(هـ) وقد ذكر المؤلف عليها أدلة كافية - ففي الآية الأولى وصف الوجوه السعيدة بالنضارة، وهي البهاء والجمال، ثم صرح بأنها تنظر إلى ربها، وأضاف النظر إلى الوجوه لأنها محل الأعين، وفي الآية الثانية ذكر أن الكفار محجوبون عن ربهم. فلما حجب هؤلاء في الغضب، أفاد أن الأبرار ينظرون إلى الله في الرضا، فلو كان المؤمنون لا يرونه لكانوا محجوبين أيضا عن ربهم. وأما الأحاديث في إثبات الرؤية فكثيرة جدا، استوفاها ابن القيم اسم> -رحمه الله تعالى- في حادي الأرواح وغيره، وأشهرها حديث جرير اسم> المذكور رسم> إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر متن_ح> رسم> وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أنها حقيقة لا التباس فيها ولا توهم، كما أنهم لا يشكّون في رؤية القمر.
(و) لا تضامون. أي لا يلحقكم ضيم، وهو الضرر والمشقة، وروي بفتح التاء وتشديد الميم، أي لا ينضم بعضكم إلى بعض حالة الرؤية، والأول أشهر.
(ز) والمنكرون للرؤية هم الجهمية، ومن قلدهم كالمعتزلة، وبعض المرجئة، قالوا: إن إثباتها يستلزم التشبيه، وإثبات الجهة، وذلك من شأن المحدثات والمركبات، ثم تكلفوا في رد دلالة النصوص بما يشهد العقل ببطلانه، فأهل السنة يثبتون جهة العلو لله كما سبق، ولا يلزم منها الحدوث والتجدد لشيء من صفات الله تعالى أما أدلتهم النقلية فأقواها قوله تعالى رسم> لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ قرآن> رسم> [الأنعام]. يجاب عنها بأن الرؤية أخص من الإدراك فالمعنى لا تحيط به، إذا رأته لعجزها عن إدراك كنهه، فتكون الآية دليلا على الإثبات، واستدلوا بقوله تعالى لموسى اسم> رسم> لَنْ تَرَانِي قرآن> رسم> لما قال رسم> رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قرآن> رسم> [الأعراف]، فيقال: إنه لا يظن بموسى اسم> عليه السلام أن يسأل ما لا يجوز على الله، فهو لما سأل الرؤية منعه، لضعف البشر في الدنيا عن الثبوت لذلك، ولهذا لما تجلى الله تعالى للجبل اندك، وروي أنه غار في الأرض، ففي الآخرة يمد الله عباده بقوة يقدرون معها على رؤية ربهم.
مسألة>