إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49063 مشاهدة
صفة العجب والضحك

ص (وقوله: يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة وقوله يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة فهذا وما أشبهه، مما صح سنده، وعدلت رواته، نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهـه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المحدثين، ونعلم أن الله سبحانه لا شبيه له ولا نظير لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وكل ما تخيل في الذهن، أو خطر بالبال، فإن الله تعالى بخلافه).


س 27 (أ) ما تفهم من هذين الحديثين في الصفات. (ب) ومتى تقبل الأحاديث في العقائد. (ج) وما فائدة قوله: بتأويل يخالف ظاهره. (د) وما الفرق بين صفات المخلوقين، وسمات المحدثين، (هـ) وما معنى قوله: تخيل في الذهن، أو خطر بالبال؟
ج 27 (أ) في الحديث الأول إثبات صفة العجب لله تعالى على ما يليق به، وسبب العجب استحسان المتعجب منه واستغرابه، وهو هنا كون الشاب ليست له صبوة، أي ميل إلى اللهو والهوى، فإن عادة الشباب الإكباب على ملذات النفس من اللهو والبطالة، فإذا وجد شاب عَزُوفٌ عن الشهوات، مُعْرِضٌ عن أنواع المشتهيات الملهية، مقبل على الآخرة وما يقرِّب إليها، كان مما يثير العجب، وهو من أسباب مضاعفة الثواب.
وفى الحديث الثاني إثبات صفة الضحك لله تعالى، على ما يليق بجلاله، والعجب والضحك من الصفات الفعلية الاختيارية، يفعلها تعالى متى شاء، وسبب الضحك في الحديث التعجب من اجتماع القاتل والمقتول في الجنة، وذلك أن القاتل كان كافرا، فأسلم وقاتل في سبيل الله فاستشهد، وهذا الحديث متفق على صحته، وأما الأولى فهو حسن، رواه أحمد وأبو يعلى والبيهقي وغيرهم.
(ب) وتقبل الأحاديث في العقائد، كما تقبل في الأعمال، بشرط صحتها، وعدالة نقلتها وثقتهم، خلافا لأهل البدع القائلين: إن أحاديث الآحاد لا تفيد إلا الظن، فلا تقبل في العقائد، والمراد بالآحاد ما عدى المتواتر، والصحيح قبولها، وإفادتها اليقين.
(ج) (ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره) كتأويل النفاة بقولهم: إن الضحك والعجب يراد بهما الثواب، ونحو ذلك، ففيه دليل على أن الواجب القول بما دل عليه الظاهر، مع اعتقاد نفي مشابهة المخلوقين، على حد قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
(د) و(صفات المخلوقين) ميزاتهم وخصائصهم، (والسمات) الهيئات والأشكال، و (المحدثون) الخلق الذين أحدثهم الله.
(هـ) (وكلما تخيل في الذهن... الخ) هذا كقوله في الخطبة: لا تمثله العقول بالتفكير، ولا تتوهمه القلوب بالتصوير؛ لأن المخلوق قاصر عن أن يحيط بكنه الباري، أو يصل بفكره إلى كيفية شيء من صفاته وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا .