إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
48998 مشاهدة
التأويل المذموم

ص (وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أملوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران] .



س 13 (أ) من المراد بالذين في قلوبهم زيغ. (ب) وما طريقتهم في المتشابه. (ج) وما غرضهم في ذلك. (د) وما التأويل في الأصل. (هـ) وهل تمكن معرفته لأحد؟
ج 13 (أ) الزيغ الميل والانحراف عن القصد. وزيغ القلب صدوده عن الإيمان بسبب الذنوب التي تتراكم عليه حتى تصرفه عن قبول الحق.
(ب) وطريقة الزائغين تتبع المتشابه والخوض فيه وتفسيره بالآراء والأهواء، والمراد بالمتشابه الآيات التي توهم اختلافا، أو يفهم منها البعض تشبيها أو تمثيلا، أو لا يتوصل إلى معرفة المراد منها لكل أحد بل لا يعرف معناها إلا أهل الرسوخ في العلم.
(ب) وغرضهم في ذلك (ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) أي يحاولون إيقاع الناس في الكفر والشك في صحة الدين وإعجاز القرآن، وصدهم عن قبول الحق، وكذا يحاولون معرفة ذلك المتشابه.
(د) والتأويل يستعمل لثلاثة معان.
- 1- قيل هو حقيقة الشيء وما يؤول إليه، وكنه الأشياء الغائبة وكيفية ظهورها. وهذا هو المراد به في كثير من الآيات القرآنية كقوله تعالى: ( ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء]، وقوله هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [الأعراف].
2- وقيل هو التفسير الذي هو إيضاح معاني الآيات، وبيان المراد منها، وهذا اصطلاح كثير من المفسرين من السلف، كابن جرير الطبري وغيره.
-3- وقيل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح، إلى الاحتمال المرجوح، لدليل يقترن به.
وهذا اصطلاح أهل الكلام، والمتأخرين من الأصوليين، وقد تسلطوا بهذا التأويل على نصوص الصفات وحدها، فحرفوا معانيها، وصرفوها عن المتبادر منها إلى احتمالات بعيدة بحجة أن العقل عندهم ينكر ما يدل عليه المفهوم منها، ففسروا الرحمة بأنها إرادة الإنعام، والغضب بأنه إرادة الانتقام، واليد بأنها النعمة أو القدرة ونحو ذلك.
(هـ) والتأويل للمتشابه هو الأول من هذه المعاني الثلاثة، وهو الذي لا يعلمه إلا الله لقوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ أي لا يعلم حقيقته وما يؤول إليه إلا الله، فحجبهم عما أملوه ورجوه، وقطع أطماعهم عن الوصول إلى معرفة تأويل تلك الآيات المتشابه ظاهرها.